خليفة مزضوضي
تتضمن هذه الورشة النقاط التالية :
v مرحلة المراهقة.
v أهمية مرحلة المراهقة.
v الخصائص العامة لمرحلة المراهقة.
v مطالب وحاجات المراهق.
v المخاوف التربوية في مرحلة المراهقة.
v مشكلات المراهقين.
v الصراعات التي يعاني منها المراهقون.
v علاج مشكلات المراهقين.
v المسؤوليات التربوية تجاه المراهقين.
v نماذج عن بعض المشكلات وكيفية التعاطي معها لحلها.
مقدمة
تنوعت المشكلات السلوكية بين الطلاب، وأصبحت تشكل تحديًا لجميع المنتسبين للعملية التربوية والتعليمية، ولاشك أن الاهتمام بدراسة مشكلات الطلاب السلوكية يعد أمرًا في غاية الضرورة والأهمية.
إن الاهتمام بدراسة مشكلات الطلاب السلوكية في جميع المراحل التعليمية له ما يبرره فهم قادة المستقبل وأمل الأمة, ولذلك فإن توجيه الدراسات والبحوث والمحاضرات في هذا الاتجاه لهو تعبير صادق عن الاهتمام بهم ورعايتهم على أسس علمية سليمة.
إن التربية والتعليم لا يمكن أن يكتملا في تأدية الوظائف المناطة بهما بدون ضبط السلوكيات غير السوية، والتي قد تصدر من بعض الطلاب في جميع المراحل الدراسية، وبشكل أكثر وضوحًا وأقوى تأثيراً في مرحلة المراهقة والتي تقابل المرحلتين الدراسيتين “المتوسطة والثانوية”.
وإذا كانت الأسرة الحضن الدافئ لأبنائها، فإن المدرسة المساعد الرئيس الذي يسهم في تكوين عقلية وسلوكيات هذه الأجيال، لذا كان المجتمع والأسرة العنصرين الفاعلين في رسم صورة حضارية لأي شعب في الأرض.
وبما أن الأسرة هي البيئة الاجتماعية الأولى لدى الناشئة ، حيث يقضون السنوات الأولى من حياتهم ومنذ ولادتهم وحتى انتقالهم للمدرسة، فضلاً عن أنها المدرسة الأولى التي يتعلم فيها النشء القيم القديمة، فإنها الحضن الاجتماعي الذي تنمو فيه بذور الشخصية، كما أنها تقوم بتربية النشء وإعدادهم أخلاقياً واجتماعياً حيث تتولى تعليمهم وتوجيههم في ممارسة السلوك الاجتماعي القويم.
وتمثل المرحلة التي تلي الطفولة المتأخرة، وهي مرحلة المراهقة المبكرة حيث تتغير الأطوار النفسية والفسيولوجية لدى النشء، وتمثل الحد الفاصل من مرحلة عمرية أقرب إلى الارتباط بوالديه لمرحلة يحتاج فيها لأن يجد ذاته.
وتعد مرحلة المراهقة من المراحل الأكثر حساسية في حياة الفرد، حيث تتميز بالتغيرات النمائية والتطور في نضج بعض أعضاء الجسم التي تتأثر بالمتطلبات النفسية الداخلية، والتكيف بالثقافة أو البيئة التي يركز عليها المجتمع.
وقد أوضح هوفمان howffman (1963)، “أن المراهقين يبلغون النضج في يسر وسهولة عندما يضع الآباء حدوداً وضوابط معقولة على سلوكهم، وعندما يتخذ الآباء موقفاً نحو الأبناء يتسم بالحب والتعاطف والاهتمام والإيجابية”.
فخلال مرحلة الثانوية يمر الطالب في فترة نمو حرجة، وهو أحوج ما يكون فيها للمساعدة والعون، لذلك نجد أنماطاً عديدة انبثقت من سلوك طلبة الثانوية توصف في بعض الأحيان بالسلبية نتيجة لتلك الظروف الجديدة.
أولاً: مرحلة المراهقة
– مفهوم المراهقة:
المراهقة مرحلة انتقالية في عمر الإنسان تبدأ بالبلوغ الذي يعد طريقاً بين الطفولة المتأخرة والشباب، تحدث فيها تغيرات في شخصية المراهق من الناحية الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية، فهو ينتقل من التفكير القائم على إدراك الملموس إلى التفكير الأعمق في الأمور المعنوية والفكرية، وتزداد قدرته على النقد والتحليل وفهم الأمور، وينتقل من مرحلة الاعتماد على غيره إلى الاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتي، ويتسع نطاق علاقاته الاجتماعية.
ولا تعني شخصية المراهق الانفصال عن الشخصية التي تكونت في الطفولة, لأن خبراته في الصغر تظهر آثارها في سن المراهقة، فإن كانت من النوع الذي يشعره بالنقص يصبح هذا الشعور مسيطراً، وينعكس في تفاعلاته وعلاقاته الاجتماعية، أما إذا كانت خبراته من النوع الذي يؤكد على أهميته وقيمته فإن ذلك يؤدي إلى تدعيم ثقته بنفسه وتعديل نظرته للحياة.
وتسمى هذه المرحلة أحياناً بالبلوغ للدلالة على النمو الداخلي والتطور مقابل عملية التعلم، لكن المراهقة والبلوغ ليستا كلمتين مترادفتين, فالمراهقة تُطلق على مرحلة تبدأ بالبلوغ وتستمر حتى مرحلة النضج، ويقتصر معنى البلوغ على النمو الفسيولوجي والجنسي ويصبح الفرد فيها قادراً على التناسل وحفظ سلالته.
– المراهقة لغوياً:
ترجع كلمة “المراهقة” إلى الفعل العربي “راهق” ويعني الاقتراب من الشيء، فراهق الغلام أي قارب الاحتلام، ورهقت الشيء رهقاً، أي قربت منه. والمعنى هنا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد (لسان العرب، ٢٠٠٠ م، والمعجم الوسيط، ٢٠٠٢ م).
وكلمة مراهقة في الدراسات العربية النفسية ترجمة لكلمة (Adolescence) ومعناها اللاتيني التدرج نحو النضج الجنسي والانفعالي والعقلي, وهي تبدأ بالبلوغ ومعناه العلمي بدء ظهور المميزات الجنسية الأولية والثانوية نتيجة لنضج الغدد التناسلية (فهمي، ١٩٧١ م: ص ٢٠٨).
– المراهقة اصطلاحاً:
للمراهقة تعريفات وتقسيمات متعددة تختلف حسب مناحي الباحثين واهتماماتهم العلمية، فيعرّفون مصطلح المراهقة بأنه “مرحلة الانتقال من الطفولة إلى الرشد”، ويستخدم علماء النفس هذا المصطلح للإشارة إلى النمو النفسي والتغيرات الجسمية والعقلية والاجتماعية التي تحدث أثناء فترة الانتقال من الطفولة إلى الرشد.
ويعرفها (ريمزر، 1961): “أنها المرحلة التي تتوسط الطفولة من جانب واكتمال النضج من جانب آخر، وهي المرحلة التي يبدو فيها الفرد طفلاً وهي في الوقت نفسه لا يبدو رجلاً ناضجاً أو امرأة ناضجة”.
وتحدد المراهقة منذ البداية بمرحلة البلوغ، وذلك لأن البلوغ يلزم به التكليف الصريح لقوله تعالى: “وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” {النور/59}
وقوله صلى الله عليه وآله: “رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل”.
بالرغم من أن التغيرات البدنية والنفسية التي تصاحب المراهقة لا تحدث بالضرورة في وقت واحد لدى جميع المراهقين، فانه يمكن تقسيم طور المراهقة إلي ثلاث مراحل تتداخل متفاوتة:
– المراهقة المبكرة (12-13-14 سنة) تقابل المرحلة المتوسطة من التعليم الاساسي
– المراهقة المتوسطة (15-16-17 سنة) تقابل المرحلة الثانوية.
– المراهقة المتأخرة (18-19-20-21 سنة) تقابل المرحلة الجامعية.
ثانياً: أهمية مرحلة المراهقة
تمتاز مرحلة الشباب بأمور:
أ. كمال القوة البدنية.
ب. قوة الطموح والإقدام.
ج. مرحلة الإحساس بالحياة.
د. مرحلة الاستقلال والرشد.
ه. إقامة نوع جديد من العلاقات الناضجة مع زملاء العمر من الجنسين.
و. اكتساب الدور المؤنث أو المذكر المقبول اجتماعياً لكل جنس من الجنسين.
ز. قبول الفرد لجسمه أو جسده، واستخدام الجسم استخداماً صالحاً.
ح. اكتساب الاستقلال الانفعالي عن الآباء وغيرهم من الكبار.
ط. الحصول على ضمانات لتحقيق الاستقلال الاقتصادي.
ي. اختيار مهنة، والإعداد اللازم لها.
ك. الاستعداد للزواج وحياة الأسرة.
ل. تنمية المهارات العقلية والمفاهيم الضرورية للكفاءة في الحياة الاجتماعية.
م. بلوغ النضج الروحي والمعنوي أوجه.
ثالثاً: الخصائص العامة لمرحلة المراهقة
كثيرا ما يكتشف الكبار خلال تفاعلهم مع المراهقين والمراهقات, أنه ينقصهم الوعي والمعرفة السليمة بطبيعة الحاجات الجسمية والنفسية وطبيعة التغيرات التي تحدث للمراهقين ومحاولات التكيف لطبيعة هذه التغيرات.
وربما كانت أكثر خصائص المراهقة لفتا ًللنظر هو وجود حالات من التناقض المزمن في سلوك المراهقين. فالمراهق غير منتج، وفي نفس الوقت مبدعاً وخصباً، لا نفع منه وغير مسؤول ويركز كل اهتماماته حول نفسه، ومع ذلك يتمتع بقدرة غير محدودة على أن يضحي بنفسه في سبيل المثل والمبادئ. كما يتميز المراهق بالإيثار والأنانية، مخلص وغير مخلص، اجتماعي وغير اجتماعي، يخضع خضوعاً أعمى لقائد ما، وينحرف عن السلطة، مثالي وساخر، حساس وقاسي القلب، زاهد وفاسق، متفائل ومتشائم، متحمس ولا مبالي.
من التغيرات العامة التي وصفت حدوثها في فترة التحول من الطفولة إلى المراهقة ما يلي:
1. التحول من خطوط الجسم قليلة الشبه بالكبار إلى خطوط الجسم والقوام المشابه للكبار.
2. التحول من فترة تتميز بكثرة الميول المتغيرة, إلى ميول مستقرة قليلة العدد ولكنها ذات معنى كبير بالنسبة للفرد.
3. التحول من فترة يقل فيها الاهتمام بمعايير الرفاق ومكانته بينهم إلى فترة تتميز بالاهتمام الكبير بالرفاق ومعاييرهم وبالمكانة التي يطمح فيها بينهم.
4. التحول من فترة يندمج فيها في أي نشاط إلى فترة يتحول فيها السلوك ويقترب من سلوك البالغين.
5. التحول من فترة يكون فيها النشاط الاجتماعي بصورة غير رسمية ولا يخضع لآداب السلوك إلى فترة يكون فيها النشاط الاجتماعي اختياري وخاضع للعرف وآداب السلوك.
6. التحول من فترة تتسم بالصداقات المؤقتة قصيرة الأمد إلى فترة تتسم بصداقات مستمرة وقوية.
ويمكننا إظهار السمات الأبرز لدى المراهق من خلال الجوانب الخمسة التالية للنمو:
أ. النمو الفيزيولوجي، وآثاره:
– يبلغ النمو الطولي ذروته.
– يتغير شكل وتكوين الجسم.
– يخشن الصوت (عند الذكور).
– تتضخم العضلات (عند الذكور).
– يظهر الحيض أو الإحتلام والصفات الجنسية الثانوية.
– يظهر النمو السريع غير المتناسب ويجيش الدافع الجنسي، والتجريب والأسئلة حول التوجه الجنسي.
– يتفوق الاهتمام الجنسي عادة على الفعالية الجنسية فيزداد اهتمامه بمظهره الخارجي ومحاولة جذب ولفت أنظار الآخرين.
ب. النمو العاطفي:
– يتعزز اهتمام المراهق في هذه المرحلة بجاذبيته نحو الجنس الآخر.
– يزداد اهتمامه بالآراء الذاتية وانشغاله بتغيرات الجسم، وشعوره بذاته.
– تقل تبعيته للأهل.
– تكون انفعالاته النفسية حادة وسريعة سواء في الرضا أو الغضب.
– يكون حساساً جداً اتجاه ما يتعرض له من مواقف وتتبدى لديه الرغبة في انتقاد الآخرين ورفض الأوامر والملاحظات المباشرة.
ج. النمو الاجتماعي:
– تتعزز علاقات المراهق خارج الأسرة في هذه المرحلة مع الرفاق والأصدقاء وتتوسع مع الآخرين.
– ينضوي ويهتم بتشكيل الجماعات الخاصة والشلل.
– يستمر صراعه الاجتماعي للحصول على القبول بالاستقلالية الذاتية ويسعى لزيادتها.
د. النمو العقلي:
– يظهر في هذه المرحلة لدى المراهق التفكير المجرد والأسئلة الاستفسارية.
– يتبدى التمحور حول الذات في القيم والمفاهيم.
– تتعزز العمليات المنطقية، وتبنى المثل الأخلاقية.
– تظهر التقليدية المثالية والقطعية (الحتمية) في أفكاره ومحاوراته.
– يتوقد ذكاؤه واستعداداته العقلية للتطور والنمو.
ه. النمو الروحي:
– تبدأ في هذه المرحلة التساؤلات الروحية العميقة.
– يتعزز الشعور الديني والماورائي.
– ينمو الضمير الديني والأخلاقي.
– تأخذ التجربة الروحية حيزاً مهماً في اهتمامات المراهق, وإن كان الجانب الانفعالي فيها يغلب على الجانب العقلي والمنطقي نسبياً.
و. النمو الانفعالي: وهو أكثر جانب يحدث عليه تغيرات ويلفت الانتباه في مرحلة المراهقة:
أ- مفهوم الذات: الفكرة التي يحملها الفرد عن نفسه سواء سلبية أو إيجابية, وتنشأ من ردود فعل الآخرين نحوه, أي مما يسمعه من المحيطين به والفرد يسلك وفقاً لهذا المفهوم.
التغيرات التي تحدث لمفهوم الذات في مرحلة المراهقة تكون في بداية المراهقة مستقرة نتيجة الاستمرار على مفهوم الذات في مرحلة الطفولة، ولكن في أواسط المراهقة يبدأ في الانخفاض والاتجاه قليلاً نحو الجانب السلبي, بسبب تغيرات وإحباطات بين ما يرغب في عمله وما يسمح له أو يوفر له, وبالتالي يحتاج إلى التكيف مع هذه التغيرات، أيضا يحدث تغير جذري في مفهوم الذات عند بعض المراهقين وليسوا الأكثرية, وينعكس ذلك على سلوكهم خصوصاً المدرسي، فيتحول ذلك الطالب المؤدب الجاد في الدراسة إلى طالب مشاغب كسول أو العكس. ويعزى ذلك إلى التغيرات التي يمر بها المراهق وخصوصاً العلاقات الاجتماعية.
ب- الهوية: جانب في الشخصية يحدث لها تغير ملاحظ أثناء المراهقة. حيث يتم التساؤل من قبل المراهق عن هويته وكينونته وموقعه في الحياة (من أنا) ومثار هذا التساؤل التغيرات التي لا حظها على نفسه من جانب والتفكير المجرد الذي يدفعه لتأمل ذاته من جانب آخر.
في البحث عن الهوية يقوم المراهق بتجريب شخصيات عديدة ويتمثل نفسه بانتماءات مختلفة مثل (طرق مختلفة باللبس أو تسريحة الشعر، وقد يرى بأنه شخص شاعر أو قيادي وغير ذلك. يبحث المراهق عن الهويات ليتمثل أحداها ويحلو له أن يتميز بلقب أو كنية مثل( الطائر الحزين).
أزمة الهوية: عند المراهقين في المجتمعات الإسلامية أقل منها عند المراهقين في المجتمعات غير الإسلامية, حيث لا تطول عملية البحث والتساؤل ومحاولة تحديد هوية المراهق, لأن الإسلام يساعد في ذلك. بعض المراهقين عرضة للمرور بأزمة الهوية بصورة اكبر من غيرهم بسبب الظروف التي يعيشونها, ولا بد من العناية بهم بصورة اكبر حتى لا تطول معاناتهم في البحث عن الهوية, وتنتهي بتكوين هويات غير سوية ومضادة للمجتمع. مثل (الأطفال مجهولو الآباء، أبناء المحكوم على آبائهم بالسجن لمدة طويلة).
ج- ظاهرة خشبة المسرح أو المراقب الوهمي: يخيل لكثير من المراهقين أنهم محط أنظار الآخرين, وذلك لأن المراهق يتأمل نفسه كثيراً ويفكر فيها وبالتالي يتخيل ويعتقد أن الناس تركز عليه أو تتحدث عنه عندما تشاهده. وهذا يدفع المراهق أن يكون حساس لمظهره وهيئته خصوصاً عندما يحتك بالآخرين في المناسبات العامة. مثل رفض المراهق الذهاب إلى مناسبة لوجود عيب بسيط بثوبه، وتجريب الفتاه أكثر من فستان، وتزيين السيارات من قبل المراهقين.
د- ظاهرة الشعور بالتفرد أو الغيرية: يشعر المراهق بأن لديه من المشاعر والأفكار والخبرات ما ليس لدى الآخرين بدرجة مبالغ فيها, وأنه مختلف عن الآخرين. نتيجة ظهور قدرات في التفكير ودوافع ومشاعر جديدة لديه, فيظن أنه الوحيد الذي مر عليه هذا. مثل وقوع صديقه في المخدرات فيظن أنه يستطيع تجريبها ولن يقع فيها. والشعور بالتفرد يجعله لا يتقبل النصائح، ويقع فيما وقع فيه غيره من الأخطاء، كما يقوم المراهق بإشراك الآخرين في انفعالاته وما يشعر به مثل رفع صوت المسجل في السيارة ليسمع الآخرين شيئاً معجباً فيه.
ه- الحساسية الانفعالية: حيث يكون لدى المراهق رد فعل لا يتناسب مع المثير الذي سبب الانفعال سواء كان سار أو غير سار. مثل عيناه تدمع لمجرد اللوم على فعل ما من قبل والده، وفرح غامر لمجرد فوز فريقه المفضل الذي يشجعه مثل رفع الأعلام وغيرها من التصرفات المؤيدة لفريقه.
و- النزعة للاستقلالية: لدى المراهق في شؤونه الخاصة وتزداد حساسيته تجاه ما يمس ذلك فهو كبير له الحق في أن يتصرف بنفسه دون تدخل الآخرين، وأي تدخل سيفسره بأنه انتقاص من قدره. مثل: (رفض الإجابة عن سؤال الأب أين كان ليلة البارحة، لبس ملابس غريبة، قصات شعر، تبني أفكار مخالفة للمحيطين وأن كان لا يؤمن بها).
ز- النزعة للتمرد على السلطة: (الآباء، المدرسين، الكبار بشكل عام) مما يشعر المراهق بأنه يتحكم في بعض شؤونه. فيميل إلى مخالفة الأوامر والتهكم والسخرية بمن لهم سلطة عليا. فلابد من الرفق والتعامل مع المراهق بأنه كبير لأن التحدي له قد يؤدي إلى التمرد من قبل المراهق وبالتالي التصادم مع الكبار.
ح- الخوف: قد يعتري المراهق الخوف نتيجة أهداف الحياة اليومية, أو نتيجة الأحلام أو نتيجة مجريات أفكارهم ومسارات تخيلاتهم, (الخوف من المستقبل، الرسوب، تأنيب الضمير، الجنس الآخر، السمنة، …)
ط- المثالية: تشكل المثالية جانباً بارزاً مهماً في وعي المراهق لذاته، إنها الجانب الأخلاقي الذي يعلب دوراً بارزاً في مرحلة المراهقة، وتكون مثالية المراهق شديدة التطرف تسير بحسب قانون ”الكل أو لا شيء“. وفي الوقت نفسه لا تخلو مواقفه من التناقض والتأرجح، فهو تارة يتشدد وتارة يكون منفلتاً وتارة يظهر مثالية مفرطة تقابلها وقاحة ظاهرة.
ي- أحلام اليقظة: الابتعاد عن الواقع بغية السيطرة عليه أو الهروب منه.
رابعاً: مطالب وحاجات المراهق
لعل أول ما يتبادر للذهن عند ذكر الحاجات والمطالب اسم “ابراهام ماسلو (١٩٤٥ م)” صاحب نظرية الترتيب الهرمي للحاجات الذي يستقي منه غالب الباحثين أفكارهم حين ينوون مناقشة الحاجات والمطالب الإنسانية, وتتلخص نظرة “ماسلو” للحاجات الإنسانية في أن يرتبها ترتيباً هرمياً تصاعدياً يبدأ من الحاجات “الفسيولوجية” كقاعدة لبقية الحاجات, ثم الحاجة للأمن ثم الحاجة للحب والانتماء, ثم الحاجة إلى تقبل وتقدير الذات, وأخيراً حاجة تحقيق الذات التي تتربع على قمة الهرم, ثم أضاف حاجتين في كتاباته الأخيرة فوق الحاجة لتحقيق الذات هما على التوالي الحاجة للمعرفة والحاجة لتذوق الجمال (المفدى،١٤١٤ ه:ص ١٦٢).
أما حينما يدور الحديث عن مطالب وحاجات المراهق أو مطالب النمو في مرحلة المراهقة, فإن الباحث يجد مجموعة من التنظيمات لهذه المطالب تحويها بطون الكتب بعضها لباحثين غربيين وبعضها لباحثين عرب اقترحوها بعد دراسات ميدانية على المراهقين والشباب في بيئات عربية فقد حدد هافهجرست في كتابه نمو الإنسان والتربية عشرة مطالب تهم المراهق. (زهران1999م: ص ١٢٥ ) وأشار “سوليفان” إلى الحاجات المتفاعلة بين الحاجة الجنسية والحاجة للأمن والحاجة للألفة عند المراهق” (الأشول، ٢٠٠٠ م: ص ٧٢). ويمكن للباحث إدراج هذه الحاجات التي ذكرها الباحثون في ست مجموعات هي:
1- الحاجات الجسمية: تقبل التغيرات الجسمية والمحافظة على الحياة.
2- الحاجات الجنسية: إشباع الرغبة الجنسية للمحافظة على النوع والتوحد مع الجنس الآخر والقيام بالدور الجنسي.
3- الحاجات النفسية: الحاجة إلى فهم المرحلة التي يمر بها والتغيرات المرافقة لها, والحاجة إلى الاستقلال النفسي وبروز الهوية, والحاجة للعطف والمحبة وتأكيد الذات والحاجة للأمن بالإضافة إلى الترفيه.
4- الحاجات العقلية: تكوين القيم والأخلاق والوصول للنضج العقلي والمعرفة.
5- الحاجات الاجتماعية: الألفة والولاء الاجتماعي والمكانة الاجتماعية والزواج والعلاقات مع الأقران بالإضافة إلى الحاجة إلى السلطة لضبط جنوحه وإمكانية انحرافه وإعادة توجيهه.
6- الحاجات المهنية: التخطيط لمستقبل مهني ومستقبل وظيفي وتحمل المسؤولية والقيام بدور (اجتماعي…).
خامساً: مخاوف التربويين في مرحلة المراهقة والشباب.
يعيش المربون جملة من المخاوف والهواجس اتجاه الشباب والمراهقين وما قد يتعرضون له من انحرافات وتأثيرات سلبية من مجموعة مصادر أهمها:
- من الرفاق:
حيث يميل المراهق في هذه المرحلة إلى الانضواء في الزمر والشلل التي تتناسب معه عمريا,ً والتي غالباً ما تشترك في جملة أزمات واضطرابات تتعلق بأساليب التربية الأسرية أو الاجتماعية غير المسؤولة، فتصبح هذه الزمر بؤراً صالحة لنقل العادات والسلوكيات والأفكار غير السليمة التي تؤدي بالتالي إلى انحراف المراهق وظهور الاضطرابات السلوكية المختلفة لديه، وتتعاظم الخطورة عندما تعاني بعض الأسر من التفكك العائلي أو تدني وعي الأخطار لدى الوالدين أو فقدان سبل التواصل الايجابي مع المراهقين أو عدم الإحساس بحاجات ومتطلبات هذه المرحلة، فيلجأ المراهق بالتالي إلى خارج الأسرة للبحث عن حضن دافئ أو أذن سميعة أو يد حانية أو رفيق في المعاناة يتشارك معه معاناته.
- من وسائل الاتصال:
على رأسها الانترنت والصحون اللاقطة التي تعد آفة العصر على مستوى نشر الانحرافات الأخلاقية فكرياً وسلوكياً دون وجود رقيب أو حسيب، مع سهولة غير مسبوقة في القدرة على الاستخدام وهو ما يضيف إلى مخاطرها بعداً آخر.
- من الانحراف الأخلاقي:
إن تحول المراهقة إلى مفهوم استهلاكي يرتكز على تحريك الغرائز جعل منها مساحة حيوية لبث السلوكيات والأفكار المنحلة والمتفلتة من القيود الأخلاقية والاجتماعية والدينية, وهنا تبرز لائحة طويلة من المخاطر والعوامل التي تسهم في ترويج وتشجيع الانحرافات الأخلاقية لدى المراهقين على المستوى الإعلامي والتربوي والاجتماعي وهو ما يدعو بالتالي إلى اليقظة والتنبه لخطورة هذه العوامل ووجوب وقاية المراهق منها عبر الرقابة والمتابعة التربويين بشكل حثيث ومستمر وذكي.
- من الانغلاق الفكري (التعصب):
مرحلة المراهقة بطبيعتها مرحلة القطعية والحسم والمثالية على مستوى تبيني الأفكار والقناعات لذا تعتبر بيئة خصبة للتعصب الفكري والسلوكي، وفي حال توفرت للمراهق العوامل التربوية والاجتماعية المساعدة على تعزيز هذا الاتجاه في فانه لن يكون من السهولة بمكان إعادته إلى جادة الصواب وإرجاع حالة التوازن الطبيعي إليه.
- من عدم القيام بأي دور.
إن وجود هذا الكم الهائل من الطاقة المخزونة والمتحفزة للتفجر في الأبعاد المختلفة من شخصية المراهق, يجعل من المراهق فيما لو لم تتم عملية توجيهه وإدارته واستيعابه بشكل سليم إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أية لحظة، وهذا ما يرتب على المعنيين بتربية المراهقين مهمة إيجاد البرامج المفيدة والصالحة والمناسبة التي يمكن من خلالها استثمار طاقات المراهقين والاستفادة منها بشكل ناضج ومسؤول.
سادساً: مشكلات المراهقين الشباب
أبرز المشكلات والتحديات السلوكية في حياة المراهق:
1- الصراع الداخلي: حيث يعاني المراهق من جود عدة صراعات داخلية، ومنها صراع بين الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، وصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة والأنوثة، وصراع بين طموحات المراهق الزائدة وبين تقصيره الواضح في التزاماته، وصراع بين غرائزه الداخلية وبين التقاليد الاجتماعية، والصراع القيمي بين ما تعلمه من شعائر ومبادئ ومسلمات وهو صغير وبين تفكيره الناقد الجديد وفلسفته الخاصة للحياة، وصراعه الثقافي بين جيله الذي يعيش فيه بما له من آراء وأفكار والجيل السابق.
2- الاغتراب والتمرد: فالمراهق يشكو من أن والديه لا يفهمانه، ولذلك يحاول الانسلاخ عن مواقف وثوابت ورغبات الوالدين كوسيلة لتأكيد وإثبات تفرده وتمايزه، وهذا يستلزم معارضة سلطة الأهل؛ لأنه يعد أي سلطة فوقية أو أي توجيه إنما هو استخفاف لا يطاق بقدراته العقلية التي أصبحت موازية جوهرياً لقدرات الراشد، واستهانة بالروح النقدية المتيقظة لديه، والتي تدفعه إلى تمحيص الأمور كافة، وفقا لمقاييس المنطق، وبالتالي تظهر لديه سلوكيات التمرد والمكابرة والعناد والتعصب والعدوانية.
3- الخجل والانطواء: فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعور المراهق بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على نفسه، فتزداد حدة الصراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي والانطواء والخجل.
4- السلوك المزعج: والذي يسببه رغبة المراهق في تحقيق مقاصده الخاصة دون اعتبار للمصلحة العامة، وبالتالي قد يصرخ، يشتم، يسرق، يركل الصغار ويتصارع مع الكبار، يتلف الممتلكات، يجادل في أمور تافهة، يتورط في المشاكل، يخرق حق الاستئذان، ولا يهتم بمشاعر غيره.
5- العصبية وحدة الطباع: فالمراهق يتصرف من خلال عصبيته وعناده، يريد أن يحقق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، ويكون متوتراً بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين به.
وتجدر الإشارة إلى أن كثيراًَ من الدراسات العلمية تشير إلى وجود علاقة قوية بين وظيفة الهرمونات الجنسية والتفاعل العاطفي عند المراهقين، بمعنى أن المستويات الهرمونية المرتفعة خلال هذه المرحلة تؤدي إلى تفاعلات مزاجية كبيرة على شكل غضب وإثارة وحدة طبع عند الذكور، وغضب واكتئاب عند الإناث.
من خصائص مرحلة المراهقة هي:” الغرق في الخيالات، وقراءة القصص الجنسية والروايات البوليسية وقصص العنف والإجرام، كما يميل إلى أحلام اليقظة، والحب من أول نظرة، كذلك يمتاز المراهق بحب المغامرات، وارتكاب الأخطار، والميل إلى التقليد، كما يكون عرضة للإصابة بأمراض النمو، مثل: فقر الدم، وتقوس الظهر، وقصر النظر”.
من مظاهر وسلوكيات الفتاة المراهقة: ” الاندفاع، ومحاولة إثبات الذات، والخجل من التغيرات التي حدثت في شكلها، و جنوحها لتقليد أمها في سلوكياتها، وتذبذب وتردد عواطفها، فهي تغضب بسرعة وتصفو بسرعة، وتميل لتكوين صداقات مع الجنس الآخر، وشعورها بالقلق والرهبة عند حدوث أول دورة من دورات الطمث، فهي لا تستطيع أن تناقش ما تحس به من مشكلات مع أفراد الأسرة، كما أنها لا تفهم طبيعة هذه العملية”.
هناك بعض المشاكل التي تظهر في مرحلة المراهقة، مثل: ” الانحرافات الجنسية، والميل الجنسي لأفراد من نفس الجنس، والجنوح، وعدم التوافق مع البيئة، وكذا انحرافات الأحداث من اعتداء، وسرقة، وهروب”، موضحاً “أن هذه الانحرافات تحدث نتيجة حرمان المراهق في المنزل والمدرسة من العطف والحنان والرعاية والإشراف، وعدم إشباع رغباته، وأيضاً لضعف التوجيه الديني”.
أن مرحلة المراهقة بخصائصها ومعطياتها هي أخطر منعطف يمر به الشباب، وأكبر منزلق يمكن أن تزل فيه قدمه؛ إذا انعدم التوجيه والعناية، أن أبرز المخاطر التي يعيشها المراهقون في تلك المرحلة:” فقدان الهوية والانتماء، وافتقاد الهدف الذي يسعون إليه، وتناقض القيم التي يعيشونها، فضلاً عن مشكلة الفراغ “.
سابعاً: الصراعات التي يعاني منها المراهق
ومن أهم الصراعات التي يعاني منها المراهق :
– الصراع بين مغريات الطفولة والرجولة.
– الصراع بين شعوره الشديد بذاته وشعوره الشديد بالجماعة.
– الصراع الجنسي بين الميل المتيقظ وتقاليد المجتمع، أو بينه وبين ضميره.
– الصراع الديني بين ما تعلمه من شعائر، وبين ما يصوره له تفكيره الجديد.
– الصراع العائلي بين ميله إلى التحرر من قيود الأسرة، وبين سلطة الأسرة.
– الصراع بين مثالية الشباب، والواقع.
– الصراع بين جيله والجيل الماضي.
ويضاف إلى ذلك صراعات تنتج من وجود أهداف متعارضة في داخل نفسه يرغب في تحقيقها معاً، ولكنها بطبيعتها إذا استطاع أن يحقق أحدها أصبح تحقيق الآخر أمراً مستحيلاً كالرغبة في التفوق الدراسي وفي اللعب في الوقت نفسه، أو الرغبة في الطاعة والتمرد.
ثامناً: علاج مشكلات المراهقين
على المتصدين للعمل في مجال الشباب أن يتميز تعاملهم بالتعقل والحكمة وحب الخير والصلاح والصدق ويكون مفعماً بالمحبة والصفاء، ففي ذلك يمكن انتشال قلوب الشباب مما قد يعتريها حيثما كانوا، حتى وإن تلبّدت برين الخطيئة، بسبب ما تحمله من براءة. ويكون العلاج من خلال :
– تشجيع النشاط الترويحي الموجه.
– القيام بالرحلات.
– إشراك المراهق في النشاطات الشبابية والأندية..
– توعيته بالحقائق الجنسية عن طريق دراستها دراسة علمية موضوعية.
– توجيه اهتمام المراهق نحو النشاط الرياضي والكشفي والاجتماعي والثقافي والعلمي
– تعريفه بأضرار السلوكيات الجنسية الخاطئة.
– إعلاء غرائز المراهق والتسامي بها وتحويلها إلى أنشطة إيجابية بناءة.
– قبول المراهق في مجتمعات الكبار، وإتاحة الفرصة أمامه للاشتراك في نشاطهم، وتحمل المسؤوليات التي تتناسب مع قدراته وخبراته.
– التغذية الكاملة والصحية حتى تساعد الجسم، وتمده بما يلزمه للنمو.
– استغلال نزعة حب الاستطلاع لديه في تنمية القدرة على البحث والتنقيب وغير ذلك من الهوايات النافعة.
– الاهتمام بقدرات المراهق الخاصة والعمل على توفير فرص النمو لهذه القدرات.
– تشجيعه على العمل بمعسكرات الكشافة والرحلات، والاشتراك في مشروعات الخدمة العامة والعمل الصيفي.
– توجيه المراهقين وجهة إيجابية تتفق مع فلسفة المجتمع المسلم وأهدافه في التقدم والرخاء، وعلى هدى من تعاليم إسلامنا الحنيف.
– تزويد المراهقين بالحقائق والمعلومات المقنعة التي تثبت إيمانهم وترسخ عقيدتهم، وتحميهم من نزعات الإلحاد والشك.
– إشراك المراهق في المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته، وتعويده على طرح مشكلاته، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة
– ينبغي أن يحاط المراهق علماً بالأمور الجنسية عن طريق التدريس العلمي الموضوعي، حتى لا يكون فريسة للجهل والضياع أو الإغراء.
– دمج المراهق في النشاط الاجتماعي.
– مراقبة خلوات المراهقين.
– ملء أوقات الفراغ.
– تشكيل القدرة الحسنة. (الابتعاد عن التأنيب المتواصل).
– تنمية الشعور بتقدير الذات عملياً.
– مراقبة أي تغير في السلوك.
– تنمية القيم الأخلاقية والدينية (التضحية، المساعدة…) التحمل، العبر..
– تقديم البدائل التربوية الصالحة في مقابل البدائل السيئة.
تاسعاً: المسؤوليات التربوية اتجاه المراهقين والشباب
1) مسؤولية الأسرة:
– ضرورة تقويم وتوجيه الشباب المراهق نحو المسؤوليات الاجتماعية.
– ضرورة الاهتمام بالتزكية الأخلاقية.
– ضرورة الاهتمام بالتربية الاجتماعية.
– ضرورة مراقبة واحتضان الشباب المراهق.
2) مسؤولية المجتمع الإسلامي ومؤسساته:
– التقدير العملي لقيمة وأهمية الشباب.
– عدم تحويل الشباب إلى سلعة للاستهلاك.
– اعتبار الشباب قضية اجتماعية عامة.
– الحد من هجرة أو بطالة الشباب من خلال التنمية
– تقديم القيم والمثل الصالحة لهم.
– استغلال طاقة الشباب.
– مصارحتهم وتنمية وعيهم العام وحس المسؤولية لديهم وفهم متطلباتهم.
نماذج وحلول:
لمساعدة الأهل على حسن التعامل مع المراهق ومشاكله، نقدم فيما يلي نماذج لمشكلات يمكن أن تحدث مع حل عملي، سهل التطبيق، لكل منها.
ü المشكلة الأولى: وجود حالة من “الصدية” أو السباحة ضد تيار الأهل بين المراهق وأسرته، وشعور الأهل والمراهق بأن كل واحد منهما لا يفهم الآخر.
الحل المقترح: إن السبب في حدوث هذه المشكلة يكمن في اختلاف مفاهيم الآباء عن مفاهيم الأبناء، واختلاف البيئة التي نشأ فيها الأهل وتكونت شخصيتهم خلالها وبيئة الأبناء، وهذا طبيعي لاختلاف الأجيال والأزمان، فالوالدان يحاولان تسيير أبنائهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، وبالتالي يحجم الأبناء عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها، أو أنهم – حتى إن فهموها – ليسوا على استعداد لتعديل مواقفهم.
ومعالجة هذه المشكلة لا تكون إلا بإحلال الحوار الحقيقي بدل التنافر والصراع والاغتراب المتبادل، ولا بد من تفهم وجهة نظر الأبناء فعلاً لا شكلاً بحيث يشعر المراهق أنه مأخوذ على محمل الجد ومعترف به وبتفرده – حتى لو لم يكن الأهل موافقين على كل آرائه ومواقفه – وأن له حقاً مشروعاً في أن يصرح بهذه الآراء. الأهم من ذلك أن يجد المراهق لدى الأهل آذاناً صاغية وقلوباً متفتحة من الأعماق، لا مجرد مجاملة، كما ينبغي أن نفسح له المجال ليشق طريقه بنفسه حتى لو أخطأ، فالأخطاء طريق للتعلم.
وليختر الأهل الوقت المناسب لبدء الحوار مع المراهق، بحيث يكونا غير مشغولين، وأن يتحدثا جالسين، جلسة صديقين متآلفين، يبتعدا فيها عن التكلف والتجمل، وليحذرا نبرة التوبيخ، والنهر، والتسفيه..
حاولا الابتعاد عن الأسئلة التي تكون إجاباتها “بنعم” أو “لا”، أو الأسئلة غير الواضحة وغير المباشرة، و افسحا له مجالاً للتعبير عن نفسه، ولا تستخدما ألفاظاً قد تكون جارحة دون قصد، مثل: “كان هذا خطأ” أو “ألم أنبهك لهذا الأمر من قبل؟”.
ü المشكلة الثانية: شعور المراهق بالخجل والانطواء، الأمر الذي يعيقه عن تحقيق تفاعله الاجتماعي، وتظهر عليه هاتين الصفتين من خلال احمرار الوجه عند التحدث، والتلعثم في الكلام وعدم الطلاقة، وجفاف الحلق.
الحل المقترح: إن أسباب الخجل والانطواء عند المراهق متعددة، وأهمها: عجزه عن مواجهة مشكلات المرحلة، وأسلوب التنشئة الاجتماعية الذي ينشأ عليه، فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعوره بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على نفسه، فيحدث صراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي، والانطواء والخجل عند التحدث مع الآخرين.
ولعلاج هذه المشكلة ينصح بـ: توجيه المراهق بصورة دائمة وغير مباشرة، وإعطاء مساحة كبيرة للنقاش والحوار معه، والتسامح معه في بعض المواقف الاجتماعية، وتشجيعه على التحدث والحوار بطلاقة مع الآخرين، وتعزيز ثقته بنفسه.
ü المشكلة الثالثة: عصبية المراهق واندفاعه، وحدة طباعه، وعناده، ورغبته في تحقيق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، وتوتره الدائم بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين به.
الحل المقترح: أن لعصبية المراهق أسباباً كثيرة، منها: أسباب مرتبطة بالتكوين الموروث في الشخصية، وفي هذه الحالة يكون أحد الوالدين عصبياً فعلاً، ومنها: أسباب بيئية، مثل: نشأة المراهق في جو تربوي مشحون بالعصبية والسلوك المشاكس الغضوب.
كما أن الحديث مع المراهقين بفظاظة وعدوانية، والتصرف معهم بعنف، يؤدي بهم إلى أن يتصرفوا ويتكلموا بالطريقة نفسها، بل قد يتمادوا للأشد منها تأثيراً، فالمراهقون يتعلمون العصبية في معظم الحالات من الوالدين أو المحيطين بهم، كما أن تشدد الأهل معهم بشكل مفرط، ومطالبتهم بما يفوق طاقاتهم وقدراتهم من التصرفات والسلوكيات، يجعلهم عاجزين عن الاستجابة لتلك الطلبات، والنتيجة إحساس هؤلاء المراهقين بأن عدواناً يمارس عليهم، يؤدي إلى توترهم وعصبيتهم، ويدفعهم ذلك إلى عدوانية السلوك الذي يعبرون عنه في صورته الأولية بالعصبية، فالتشدد المفرط هذا يحولهم إلى عصبيين، ومتمردين.
وهناك أسباب أخرى لعصبية المراهقين كضيق المنزل، وعدم توافر أماكن للهو، وممارسة أنشطة ذهنية أو جسدية، وإهمال حاجتهم الحقيقية للاسترخاء والراحة لبعض الوقت.
ولعلاج هذه المشكلة ينصح بـأن علاج عصبية المراهق يكون من خلال الأمان، والحب، والعدل، والاستقلالية، والحزم، فلا بد للمراهق من الشعور بالأمان في المنزل.. الأمان من مخاوف التفكك الأسري، والأمان من الفشل في الدراسة، والأمر الآخر هو الحب فكلما زاد الحب للأبناء زادت فرصة التفاهم معهم، فيجب ألا نركز في حديثنا معهم على التهديد والعقاب، والعدل في التعامل مع الأبناء ضروري؛ لأن السلوك التفاضلي نحوهم يوجد أرضاً خصبة للعصبية، فالعصبية ردة فعل لأمر آخر وليست المشكلة نفسها، والاستقلالية مهمة، فلا بد من تخفيف السلطة الأبوية عن الأبناء وإعطائهم الثقة بأنفسهم بدرجة أكبر مع المراقبة والمتابعة عن بعد، فالاستقلالية شعور محبب لدى الأبناء خصوصاً في هذه السن، ولابد من الحزم مع المراهق، فيجب ألا يترك لفعل ما يريد بالطريقة التي يريدها وفي الوقت الذي يريده ومع من يريد، وإنما يجب أن يعي أن مثل ما له من حقوق، فإن عليه واجبات يجب أن يؤديها، وأن مثل ما له من حرية فللآخرين حريات يجب أن يحترمها.
ü المشكلة الرابعة: ممارسة المراهق للسلوك المزعج، كعدم مراعاة الآداب العامة، والاعتداء على الناس، وتخريب الممتلكات والبيئة والطبيعة، وقد يكون الإزعاج لفظياً أو عملياً.
الحل المقترح: من أهم أسباب السلوك المزعج عند المراهق: رغبته في تحقيق مقاصده الخاصة دون اعتبار للمصلحة العامة، والأفكار الخاطئة التي تصل لذهنه من أن المراهق هو الشخص القوي الشجاع، وهو الذي يصرع الآخرين ويأخذ حقوقه بيده لا بالحسنى، وأيضاً الإحباط والحرمان والقهر الذي يعيشه داخل الأسرة، وتقليد الآخرين والاقتداء بسلوكهم الفوضوي، والتعثر الدراسي، ومصاحبة أقران السوء.
أما مظاهر السلوك المزعج، فهي: نشاط حركي زائد يغلب عليه الاضطراب والسلوكيات المرتجلة، واشتداد نزعة الاستقلال والتطلع إلى القيادة، وتعبير المراهق عن نفسه وأحاسيسه ورغباته بطرق غير لائقة (الصراخ، الشتم، السرقة، القسوة، الجدل العقيم، التورط في المشاكل، والضجر السريع، والتأفف من الاحتكاك بالناس، وتبرير التصرفات بأسباب واهية، والنفور من النصح، والتمادي في العناد).
ولعلاج هذه المشكلة ينصح بـتبصير المراهق بعظمة المسؤوليات التي تقع على كاهله وكيفية الوفاء بالأمانات، وإشغاله بالخير والأعمال المثمرة البناءة، وتصويب المفاهيم الخاطئة في ذهنه، ونفي العلاقة المزعومة بين الاستقلالية والتعدي على الغير، وتشجيعه على مصاحبة الجيدين من الأصدقاء ممن لا يحبون أن يمدوا يد الإساءة للآخرين، وإرشاده لبعض الطرق لحل الأزمات ومواجهة عدوان الآخرين بحكمة، وتعزيز المبادرات الإيجابية إذا بادر إلى القيام بسلوك إيجابي يدل على احترامه للآخرين من خلال المدح والثناء، والابتعاد عن الألفاظ الاستفزازية والبرمجة السلبية وتجنب التوبيخ قدر المستطاع.
ü المشكلة الخامسة: تعرض المراهق إلى سلسلة من الصراعات النفسية والاجتماعية المتعلقة بصعوبة تحديد الهوية ومعرفة النفس يقوده نحو التمرد السلبي على الأسرة وقيم المجتمع، ويظهر ذلك في شعوره بضعف الانتماء الأسري، وعدم التقيد بتوجيهات الوالدين، والمعارضة والتصلب في المواقف، والتكبر، والغرور، وحب الظهور، وإلقاء اللوم على الآخرين، التلفظ بألفاظ نابية.
الحل المقترح: إن غياب التوجيه السليم، والمتابعة اليقظة المتزنة، والقدوة الصحيحة يقود المراهق نحو التمرد، ومن أسباب التمرد أيضاً: عيش المراهق في حالة صراع بين الحنين إلى مرحلة الطفولة المليئة باللعب وبين التطلع إلى مرحلة الشباب التي تكثر فيها المسؤوليات، وكثرة القيود الاجتماعية التي تحد من حركته، وضعف الاهتمام الأسري بمواهبه وعدم توجيهها الوجهة الصحيحة، وتأنيب الوالدين له أمام إخوته أو أقربائه أو أصدقائه، ومتابعته للأفلام والبرامج التي تدعو إلى التمرد على القيم الدينية والاجتماعية والعنف.
ولعلاج هذه المشكلة ينصح بـأن يكون بالوسائل التالية: السماح للمراهق بالتعبير عن أفكاره الشخصية، وتوجيهه نحو البرامج الفعالة لتكريس وممارسة مفهوم التسامح والتعايش في محيط الأندية الرياضية والثقافية، وتقوية الوازع الديني من خلال أداء الفرائض الدينية والتزام الصحبة الصالحة ومد جسور التواصل والتعاون مع أهل الخبرة والصلاح في المحيط الأسري وخارجه، ولا بد من تكثيف جرعات الثقافة الإسلامية، حيث إن الشريعة الإسلامية تنظم حياة المراهق لا كما يزعم أعداء الإسلام بأنه يكبت الرغبات ويحرم الشهوات، والاشتراك مع المراهق في عمل أنشطة يفضلها، وذلك لتقليص مساحات الاختلاف وتوسيع حقول التوافق وبناء جسور التفاهم، وتشجيع وضع أهداف عائلية مشتركة واتخاذ القرارات بصورة جماعية مقنعة، والسماح للمراهق باستضافة أصدقائه في البيت مع الحرص على التعرف إليهم والجلوس معهم لبعض الوقت، والحذر من البرمجة السلبية، وتجنب عبارات: أنت فاشل، عنيد، متمرد، اسكت يا سليط اللسان، أنت دائماً تجادل وتنتقد، أنت لا تفهم أبداً…إلخ؛ لأن هذه الكلمات والعبارات تستفز المراهق وتجلب المزيد من المشاكل والمتاعب ولا تحقق المراد من العلاج.
تتضمن هذه الورشة النقاط التالية :
v مرحلة المراهقة.
v أهمية مرحلة المراهقة.
v الخصائص العامة لمرحلة المراهقة.
v مطالب وحاجات المراهق.
v المخاوف التربوية في مرحلة المراهقة.
v مشكلات المراهقين.
v الصراعات التي يعاني منها المراهقون.
v علاج مشكلات المراهقين.
v المسؤوليات التربوية تجاه المراهقين.
v نماذج عن بعض المشكلات وكيفية التعاطي معها لحلها.
مقدمة
تنوعت المشكلات السلوكية بين الطلاب، وأصبحت تشكل تحديًا لجميع المنتسبين للعملية التربوية والتعليمية، ولاشك أن الاهتمام بدراسة مشكلات الطلاب السلوكية يعد أمرًا في غاية الضرورة والأهمية.
إن الاهتمام بدراسة مشكلات الطلاب السلوكية في جميع المراحل التعليمية له ما يبرره فهم قادة المستقبل وأمل الأمة, ولذلك فإن توجيه الدراسات والبحوث والمحاضرات في هذا الاتجاه لهو تعبير صادق عن الاهتمام بهم ورعايتهم على أسس علمية سليمة.
إن التربية والتعليم لا يمكن أن يكتملا في تأدية الوظائف المناطة بهما بدون ضبط السلوكيات غير السوية، والتي قد تصدر من بعض الطلاب في جميع المراحل الدراسية، وبشكل أكثر وضوحًا وأقوى تأثيراً في مرحلة المراهقة والتي تقابل المرحلتين الدراسيتين “المتوسطة والثانوية”.
وإذا كانت الأسرة الحضن الدافئ لأبنائها، فإن المدرسة المساعد الرئيس الذي يسهم في تكوين عقلية وسلوكيات هذه الأجيال، لذا كان المجتمع والأسرة العنصرين الفاعلين في رسم صورة حضارية لأي شعب في الأرض.
وبما أن الأسرة هي البيئة الاجتماعية الأولى لدى الناشئة ، حيث يقضون السنوات الأولى من حياتهم ومنذ ولادتهم وحتى انتقالهم للمدرسة، فضلاً عن أنها المدرسة الأولى التي يتعلم فيها النشء القيم القديمة، فإنها الحضن الاجتماعي الذي تنمو فيه بذور الشخصية، كما أنها تقوم بتربية النشء وإعدادهم أخلاقياً واجتماعياً حيث تتولى تعليمهم وتوجيههم في ممارسة السلوك الاجتماعي القويم.
وتمثل المرحلة التي تلي الطفولة المتأخرة، وهي مرحلة المراهقة المبكرة حيث تتغير الأطوار النفسية والفسيولوجية لدى النشء، وتمثل الحد الفاصل من مرحلة عمرية أقرب إلى الارتباط بوالديه لمرحلة يحتاج فيها لأن يجد ذاته.
وتعد مرحلة المراهقة من المراحل الأكثر حساسية في حياة الفرد، حيث تتميز بالتغيرات النمائية والتطور في نضج بعض أعضاء الجسم التي تتأثر بالمتطلبات النفسية الداخلية، والتكيف بالثقافة أو البيئة التي يركز عليها المجتمع.
وقد أوضح هوفمان howffman (1963)، “أن المراهقين يبلغون النضج في يسر وسهولة عندما يضع الآباء حدوداً وضوابط معقولة على سلوكهم، وعندما يتخذ الآباء موقفاً نحو الأبناء يتسم بالحب والتعاطف والاهتمام والإيجابية”.
فخلال مرحلة الثانوية يمر الطالب في فترة نمو حرجة، وهو أحوج ما يكون فيها للمساعدة والعون، لذلك نجد أنماطاً عديدة انبثقت من سلوك طلبة الثانوية توصف في بعض الأحيان بالسلبية نتيجة لتلك الظروف الجديدة.
أولاً: مرحلة المراهقة
– مفهوم المراهقة:
المراهقة مرحلة انتقالية في عمر الإنسان تبدأ بالبلوغ الذي يعد طريقاً بين الطفولة المتأخرة والشباب، تحدث فيها تغيرات في شخصية المراهق من الناحية الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية، فهو ينتقل من التفكير القائم على إدراك الملموس إلى التفكير الأعمق في الأمور المعنوية والفكرية، وتزداد قدرته على النقد والتحليل وفهم الأمور، وينتقل من مرحلة الاعتماد على غيره إلى الاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتي، ويتسع نطاق علاقاته الاجتماعية.
ولا تعني شخصية المراهق الانفصال عن الشخصية التي تكونت في الطفولة, لأن خبراته في الصغر تظهر آثارها في سن المراهقة، فإن كانت من النوع الذي يشعره بالنقص يصبح هذا الشعور مسيطراً، وينعكس في تفاعلاته وعلاقاته الاجتماعية، أما إذا كانت خبراته من النوع الذي يؤكد على أهميته وقيمته فإن ذلك يؤدي إلى تدعيم ثقته بنفسه وتعديل نظرته للحياة.
وتسمى هذه المرحلة أحياناً بالبلوغ للدلالة على النمو الداخلي والتطور مقابل عملية التعلم، لكن المراهقة والبلوغ ليستا كلمتين مترادفتين, فالمراهقة تُطلق على مرحلة تبدأ بالبلوغ وتستمر حتى مرحلة النضج، ويقتصر معنى البلوغ على النمو الفسيولوجي والجنسي ويصبح الفرد فيها قادراً على التناسل وحفظ سلالته.
– المراهقة لغوياً:
ترجع كلمة “المراهقة” إلى الفعل العربي “راهق” ويعني الاقتراب من الشيء، فراهق الغلام أي قارب الاحتلام، ورهقت الشيء رهقاً، أي قربت منه. والمعنى هنا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد (لسان العرب، ٢٠٠٠ م، والمعجم الوسيط، ٢٠٠٢ م).
وكلمة مراهقة في الدراسات العربية النفسية ترجمة لكلمة (Adolescence) ومعناها اللاتيني التدرج نحو النضج الجنسي والانفعالي والعقلي, وهي تبدأ بالبلوغ ومعناه العلمي بدء ظهور المميزات الجنسية الأولية والثانوية نتيجة لنضج الغدد التناسلية (فهمي، ١٩٧١ م: ص ٢٠٨).
– المراهقة اصطلاحاً:
للمراهقة تعريفات وتقسيمات متعددة تختلف حسب مناحي الباحثين واهتماماتهم العلمية، فيعرّفون مصطلح المراهقة بأنه “مرحلة الانتقال من الطفولة إلى الرشد”، ويستخدم علماء النفس هذا المصطلح للإشارة إلى النمو النفسي والتغيرات الجسمية والعقلية والاجتماعية التي تحدث أثناء فترة الانتقال من الطفولة إلى الرشد.
ويعرفها (ريمزر، 1961): “أنها المرحلة التي تتوسط الطفولة من جانب واكتمال النضج من جانب آخر، وهي المرحلة التي يبدو فيها الفرد طفلاً وهي في الوقت نفسه لا يبدو رجلاً ناضجاً أو امرأة ناضجة”.
وتحدد المراهقة منذ البداية بمرحلة البلوغ، وذلك لأن البلوغ يلزم به التكليف الصريح لقوله تعالى: “وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” {النور/59}
وقوله صلى الله عليه وآله: “رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل”.
بالرغم من أن التغيرات البدنية والنفسية التي تصاحب المراهقة لا تحدث بالضرورة في وقت واحد لدى جميع المراهقين، فانه يمكن تقسيم طور المراهقة إلي ثلاث مراحل تتداخل متفاوتة:
– المراهقة المبكرة (12-13-14 سنة) تقابل المرحلة المتوسطة من التعليم الاساسي
– المراهقة المتوسطة (15-16-17 سنة) تقابل المرحلة الثانوية.
– المراهقة المتأخرة (18-19-20-21 سنة) تقابل المرحلة الجامعية.
ثانياً: أهمية مرحلة المراهقة
تمتاز مرحلة الشباب بأمور:
أ. كمال القوة البدنية.
ب. قوة الطموح والإقدام.
ج. مرحلة الإحساس بالحياة.
د. مرحلة الاستقلال والرشد.
ه. إقامة نوع جديد من العلاقات الناضجة مع زملاء العمر من الجنسين.
و. اكتساب الدور المؤنث أو المذكر المقبول اجتماعياً لكل جنس من الجنسين.
ز. قبول الفرد لجسمه أو جسده، واستخدام الجسم استخداماً صالحاً.
ح. اكتساب الاستقلال الانفعالي عن الآباء وغيرهم من الكبار.
ط. الحصول على ضمانات لتحقيق الاستقلال الاقتصادي.
ي. اختيار مهنة، والإعداد اللازم لها.
ك. الاستعداد للزواج وحياة الأسرة.
ل. تنمية المهارات العقلية والمفاهيم الضرورية للكفاءة في الحياة الاجتماعية.
م. بلوغ النضج الروحي والمعنوي أوجه.
ثالثاً: الخصائص العامة لمرحلة المراهقة
كثيرا ما يكتشف الكبار خلال تفاعلهم مع المراهقين والمراهقات, أنه ينقصهم الوعي والمعرفة السليمة بطبيعة الحاجات الجسمية والنفسية وطبيعة التغيرات التي تحدث للمراهقين ومحاولات التكيف لطبيعة هذه التغيرات.
وربما كانت أكثر خصائص المراهقة لفتا ًللنظر هو وجود حالات من التناقض المزمن في سلوك المراهقين. فالمراهق غير منتج، وفي نفس الوقت مبدعاً وخصباً، لا نفع منه وغير مسؤول ويركز كل اهتماماته حول نفسه، ومع ذلك يتمتع بقدرة غير محدودة على أن يضحي بنفسه في سبيل المثل والمبادئ. كما يتميز المراهق بالإيثار والأنانية، مخلص وغير مخلص، اجتماعي وغير اجتماعي، يخضع خضوعاً أعمى لقائد ما، وينحرف عن السلطة، مثالي وساخر، حساس وقاسي القلب، زاهد وفاسق، متفائل ومتشائم، متحمس ولا مبالي.
من التغيرات العامة التي وصفت حدوثها في فترة التحول من الطفولة إلى المراهقة ما يلي:
1. التحول من خطوط الجسم قليلة الشبه بالكبار إلى خطوط الجسم والقوام المشابه للكبار.
2. التحول من فترة تتميز بكثرة الميول المتغيرة, إلى ميول مستقرة قليلة العدد ولكنها ذات معنى كبير بالنسبة للفرد.
3. التحول من فترة يقل فيها الاهتمام بمعايير الرفاق ومكانته بينهم إلى فترة تتميز بالاهتمام الكبير بالرفاق ومعاييرهم وبالمكانة التي يطمح فيها بينهم.
4. التحول من فترة يندمج فيها في أي نشاط إلى فترة يتحول فيها السلوك ويقترب من سلوك البالغين.
5. التحول من فترة يكون فيها النشاط الاجتماعي بصورة غير رسمية ولا يخضع لآداب السلوك إلى فترة يكون فيها النشاط الاجتماعي اختياري وخاضع للعرف وآداب السلوك.
6. التحول من فترة تتسم بالصداقات المؤقتة قصيرة الأمد إلى فترة تتسم بصداقات مستمرة وقوية.
ويمكننا إظهار السمات الأبرز لدى المراهق من خلال الجوانب الخمسة التالية للنمو:
أ. النمو الفيزيولوجي، وآثاره:
– يبلغ النمو الطولي ذروته.
– يتغير شكل وتكوين الجسم.
– يخشن الصوت (عند الذكور).
– تتضخم العضلات (عند الذكور).
– يظهر الحيض أو الإحتلام والصفات الجنسية الثانوية.
– يظهر النمو السريع غير المتناسب ويجيش الدافع الجنسي، والتجريب والأسئلة حول التوجه الجنسي.
– يتفوق الاهتمام الجنسي عادة على الفعالية الجنسية فيزداد اهتمامه بمظهره الخارجي ومحاولة جذب ولفت أنظار الآخرين.
ب. النمو العاطفي:
– يتعزز اهتمام المراهق في هذه المرحلة بجاذبيته نحو الجنس الآخر.
– يزداد اهتمامه بالآراء الذاتية وانشغاله بتغيرات الجسم، وشعوره بذاته.
– تقل تبعيته للأهل.
– تكون انفعالاته النفسية حادة وسريعة سواء في الرضا أو الغضب.
– يكون حساساً جداً اتجاه ما يتعرض له من مواقف وتتبدى لديه الرغبة في انتقاد الآخرين ورفض الأوامر والملاحظات المباشرة.
ج. النمو الاجتماعي:
– تتعزز علاقات المراهق خارج الأسرة في هذه المرحلة مع الرفاق والأصدقاء وتتوسع مع الآخرين.
– ينضوي ويهتم بتشكيل الجماعات الخاصة والشلل.
– يستمر صراعه الاجتماعي للحصول على القبول بالاستقلالية الذاتية ويسعى لزيادتها.
د. النمو العقلي:
– يظهر في هذه المرحلة لدى المراهق التفكير المجرد والأسئلة الاستفسارية.
– يتبدى التمحور حول الذات في القيم والمفاهيم.
– تتعزز العمليات المنطقية، وتبنى المثل الأخلاقية.
– تظهر التقليدية المثالية والقطعية (الحتمية) في أفكاره ومحاوراته.
– يتوقد ذكاؤه واستعداداته العقلية للتطور والنمو.
ه. النمو الروحي:
– تبدأ في هذه المرحلة التساؤلات الروحية العميقة.
– يتعزز الشعور الديني والماورائي.
– ينمو الضمير الديني والأخلاقي.
– تأخذ التجربة الروحية حيزاً مهماً في اهتمامات المراهق, وإن كان الجانب الانفعالي فيها يغلب على الجانب العقلي والمنطقي نسبياً.
و. النمو الانفعالي: وهو أكثر جانب يحدث عليه تغيرات ويلفت الانتباه في مرحلة المراهقة:
أ- مفهوم الذات: الفكرة التي يحملها الفرد عن نفسه سواء سلبية أو إيجابية, وتنشأ من ردود فعل الآخرين نحوه, أي مما يسمعه من المحيطين به والفرد يسلك وفقاً لهذا المفهوم.
التغيرات التي تحدث لمفهوم الذات في مرحلة المراهقة تكون في بداية المراهقة مستقرة نتيجة الاستمرار على مفهوم الذات في مرحلة الطفولة، ولكن في أواسط المراهقة يبدأ في الانخفاض والاتجاه قليلاً نحو الجانب السلبي, بسبب تغيرات وإحباطات بين ما يرغب في عمله وما يسمح له أو يوفر له, وبالتالي يحتاج إلى التكيف مع هذه التغيرات، أيضا يحدث تغير جذري في مفهوم الذات عند بعض المراهقين وليسوا الأكثرية, وينعكس ذلك على سلوكهم خصوصاً المدرسي، فيتحول ذلك الطالب المؤدب الجاد في الدراسة إلى طالب مشاغب كسول أو العكس. ويعزى ذلك إلى التغيرات التي يمر بها المراهق وخصوصاً العلاقات الاجتماعية.
ب- الهوية: جانب في الشخصية يحدث لها تغير ملاحظ أثناء المراهقة. حيث يتم التساؤل من قبل المراهق عن هويته وكينونته وموقعه في الحياة (من أنا) ومثار هذا التساؤل التغيرات التي لا حظها على نفسه من جانب والتفكير المجرد الذي يدفعه لتأمل ذاته من جانب آخر.
في البحث عن الهوية يقوم المراهق بتجريب شخصيات عديدة ويتمثل نفسه بانتماءات مختلفة مثل (طرق مختلفة باللبس أو تسريحة الشعر، وقد يرى بأنه شخص شاعر أو قيادي وغير ذلك. يبحث المراهق عن الهويات ليتمثل أحداها ويحلو له أن يتميز بلقب أو كنية مثل( الطائر الحزين).
أزمة الهوية: عند المراهقين في المجتمعات الإسلامية أقل منها عند المراهقين في المجتمعات غير الإسلامية, حيث لا تطول عملية البحث والتساؤل ومحاولة تحديد هوية المراهق, لأن الإسلام يساعد في ذلك. بعض المراهقين عرضة للمرور بأزمة الهوية بصورة اكبر من غيرهم بسبب الظروف التي يعيشونها, ولا بد من العناية بهم بصورة اكبر حتى لا تطول معاناتهم في البحث عن الهوية, وتنتهي بتكوين هويات غير سوية ومضادة للمجتمع. مثل (الأطفال مجهولو الآباء، أبناء المحكوم على آبائهم بالسجن لمدة طويلة).
ج- ظاهرة خشبة المسرح أو المراقب الوهمي: يخيل لكثير من المراهقين أنهم محط أنظار الآخرين, وذلك لأن المراهق يتأمل نفسه كثيراً ويفكر فيها وبالتالي يتخيل ويعتقد أن الناس تركز عليه أو تتحدث عنه عندما تشاهده. وهذا يدفع المراهق أن يكون حساس لمظهره وهيئته خصوصاً عندما يحتك بالآخرين في المناسبات العامة. مثل رفض المراهق الذهاب إلى مناسبة لوجود عيب بسيط بثوبه، وتجريب الفتاه أكثر من فستان، وتزيين السيارات من قبل المراهقين.
د- ظاهرة الشعور بالتفرد أو الغيرية: يشعر المراهق بأن لديه من المشاعر والأفكار والخبرات ما ليس لدى الآخرين بدرجة مبالغ فيها, وأنه مختلف عن الآخرين. نتيجة ظهور قدرات في التفكير ودوافع ومشاعر جديدة لديه, فيظن أنه الوحيد الذي مر عليه هذا. مثل وقوع صديقه في المخدرات فيظن أنه يستطيع تجريبها ولن يقع فيها. والشعور بالتفرد يجعله لا يتقبل النصائح، ويقع فيما وقع فيه غيره من الأخطاء، كما يقوم المراهق بإشراك الآخرين في انفعالاته وما يشعر به مثل رفع صوت المسجل في السيارة ليسمع الآخرين شيئاً معجباً فيه.
ه- الحساسية الانفعالية: حيث يكون لدى المراهق رد فعل لا يتناسب مع المثير الذي سبب الانفعال سواء كان سار أو غير سار. مثل عيناه تدمع لمجرد اللوم على فعل ما من قبل والده، وفرح غامر لمجرد فوز فريقه المفضل الذي يشجعه مثل رفع الأعلام وغيرها من التصرفات المؤيدة لفريقه.
و- النزعة للاستقلالية: لدى المراهق في شؤونه الخاصة وتزداد حساسيته تجاه ما يمس ذلك فهو كبير له الحق في أن يتصرف بنفسه دون تدخل الآخرين، وأي تدخل سيفسره بأنه انتقاص من قدره. مثل: (رفض الإجابة عن سؤال الأب أين كان ليلة البارحة، لبس ملابس غريبة، قصات شعر، تبني أفكار مخالفة للمحيطين وأن كان لا يؤمن بها).
ز- النزعة للتمرد على السلطة: (الآباء، المدرسين، الكبار بشكل عام) مما يشعر المراهق بأنه يتحكم في بعض شؤونه. فيميل إلى مخالفة الأوامر والتهكم والسخرية بمن لهم سلطة عليا. فلابد من الرفق والتعامل مع المراهق بأنه كبير لأن التحدي له قد يؤدي إلى التمرد من قبل المراهق وبالتالي التصادم مع الكبار.
ح- الخوف: قد يعتري المراهق الخوف نتيجة أهداف الحياة اليومية, أو نتيجة الأحلام أو نتيجة مجريات أفكارهم ومسارات تخيلاتهم, (الخوف من المستقبل، الرسوب، تأنيب الضمير، الجنس الآخر، السمنة، …)
ط- المثالية: تشكل المثالية جانباً بارزاً مهماً في وعي المراهق لذاته، إنها الجانب الأخلاقي الذي يعلب دوراً بارزاً في مرحلة المراهقة، وتكون مثالية المراهق شديدة التطرف تسير بحسب قانون ”الكل أو لا شيء“. وفي الوقت نفسه لا تخلو مواقفه من التناقض والتأرجح، فهو تارة يتشدد وتارة يكون منفلتاً وتارة يظهر مثالية مفرطة تقابلها وقاحة ظاهرة.
ي- أحلام اليقظة: الابتعاد عن الواقع بغية السيطرة عليه أو الهروب منه.
رابعاً: مطالب وحاجات المراهق
لعل أول ما يتبادر للذهن عند ذكر الحاجات والمطالب اسم “ابراهام ماسلو (١٩٤٥ م)” صاحب نظرية الترتيب الهرمي للحاجات الذي يستقي منه غالب الباحثين أفكارهم حين ينوون مناقشة الحاجات والمطالب الإنسانية, وتتلخص نظرة “ماسلو” للحاجات الإنسانية في أن يرتبها ترتيباً هرمياً تصاعدياً يبدأ من الحاجات “الفسيولوجية” كقاعدة لبقية الحاجات, ثم الحاجة للأمن ثم الحاجة للحب والانتماء, ثم الحاجة إلى تقبل وتقدير الذات, وأخيراً حاجة تحقيق الذات التي تتربع على قمة الهرم, ثم أضاف حاجتين في كتاباته الأخيرة فوق الحاجة لتحقيق الذات هما على التوالي الحاجة للمعرفة والحاجة لتذوق الجمال (المفدى،١٤١٤ ه:ص ١٦٢).
أما حينما يدور الحديث عن مطالب وحاجات المراهق أو مطالب النمو في مرحلة المراهقة, فإن الباحث يجد مجموعة من التنظيمات لهذه المطالب تحويها بطون الكتب بعضها لباحثين غربيين وبعضها لباحثين عرب اقترحوها بعد دراسات ميدانية على المراهقين والشباب في بيئات عربية فقد حدد هافهجرست في كتابه نمو الإنسان والتربية عشرة مطالب تهم المراهق. (زهران1999م: ص ١٢٥ ) وأشار “سوليفان” إلى الحاجات المتفاعلة بين الحاجة الجنسية والحاجة للأمن والحاجة للألفة عند المراهق” (الأشول، ٢٠٠٠ م: ص ٧٢). ويمكن للباحث إدراج هذه الحاجات التي ذكرها الباحثون في ست مجموعات هي:
1- الحاجات الجسمية: تقبل التغيرات الجسمية والمحافظة على الحياة.
2- الحاجات الجنسية: إشباع الرغبة الجنسية للمحافظة على النوع والتوحد مع الجنس الآخر والقيام بالدور الجنسي.
3- الحاجات النفسية: الحاجة إلى فهم المرحلة التي يمر بها والتغيرات المرافقة لها, والحاجة إلى الاستقلال النفسي وبروز الهوية, والحاجة للعطف والمحبة وتأكيد الذات والحاجة للأمن بالإضافة إلى الترفيه.
4- الحاجات العقلية: تكوين القيم والأخلاق والوصول للنضج العقلي والمعرفة.
5- الحاجات الاجتماعية: الألفة والولاء الاجتماعي والمكانة الاجتماعية والزواج والعلاقات مع الأقران بالإضافة إلى الحاجة إلى السلطة لضبط جنوحه وإمكانية انحرافه وإعادة توجيهه.
6- الحاجات المهنية: التخطيط لمستقبل مهني ومستقبل وظيفي وتحمل المسؤولية والقيام بدور (اجتماعي…).
خامساً: مخاوف التربويين في مرحلة المراهقة والشباب.
يعيش المربون جملة من المخاوف والهواجس اتجاه الشباب والمراهقين وما قد يتعرضون له من انحرافات وتأثيرات سلبية من مجموعة مصادر أهمها:
- من الرفاق:
حيث يميل المراهق في هذه المرحلة إلى الانضواء في الزمر والشلل التي تتناسب معه عمريا,ً والتي غالباً ما تشترك في جملة أزمات واضطرابات تتعلق بأساليب التربية الأسرية أو الاجتماعية غير المسؤولة، فتصبح هذه الزمر بؤراً صالحة لنقل العادات والسلوكيات والأفكار غير السليمة التي تؤدي بالتالي إلى انحراف المراهق وظهور الاضطرابات السلوكية المختلفة لديه، وتتعاظم الخطورة عندما تعاني بعض الأسر من التفكك العائلي أو تدني وعي الأخطار لدى الوالدين أو فقدان سبل التواصل الايجابي مع المراهقين أو عدم الإحساس بحاجات ومتطلبات هذه المرحلة، فيلجأ المراهق بالتالي إلى خارج الأسرة للبحث عن حضن دافئ أو أذن سميعة أو يد حانية أو رفيق في المعاناة يتشارك معه معاناته.
- من وسائل الاتصال:
على رأسها الانترنت والصحون اللاقطة التي تعد آفة العصر على مستوى نشر الانحرافات الأخلاقية فكرياً وسلوكياً دون وجود رقيب أو حسيب، مع سهولة غير مسبوقة في القدرة على الاستخدام وهو ما يضيف إلى مخاطرها بعداً آخر.
- من الانحراف الأخلاقي:
إن تحول المراهقة إلى مفهوم استهلاكي يرتكز على تحريك الغرائز جعل منها مساحة حيوية لبث السلوكيات والأفكار المنحلة والمتفلتة من القيود الأخلاقية والاجتماعية والدينية, وهنا تبرز لائحة طويلة من المخاطر والعوامل التي تسهم في ترويج وتشجيع الانحرافات الأخلاقية لدى المراهقين على المستوى الإعلامي والتربوي والاجتماعي وهو ما يدعو بالتالي إلى اليقظة والتنبه لخطورة هذه العوامل ووجوب وقاية المراهق منها عبر الرقابة والمتابعة التربويين بشكل حثيث ومستمر وذكي.
- من الانغلاق الفكري (التعصب):
مرحلة المراهقة بطبيعتها مرحلة القطعية والحسم والمثالية على مستوى تبيني الأفكار والقناعات لذا تعتبر بيئة خصبة للتعصب الفكري والسلوكي، وفي حال توفرت للمراهق العوامل التربوية والاجتماعية المساعدة على تعزيز هذا الاتجاه في فانه لن يكون من السهولة بمكان إعادته إلى جادة الصواب وإرجاع حالة التوازن الطبيعي إليه.
- من عدم القيام بأي دور.
إن وجود هذا الكم الهائل من الطاقة المخزونة والمتحفزة للتفجر في الأبعاد المختلفة من شخصية المراهق, يجعل من المراهق فيما لو لم تتم عملية توجيهه وإدارته واستيعابه بشكل سليم إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أية لحظة، وهذا ما يرتب على المعنيين بتربية المراهقين مهمة إيجاد البرامج المفيدة والصالحة والمناسبة التي يمكن من خلالها استثمار طاقات المراهقين والاستفادة منها بشكل ناضج ومسؤول.
سادساً: مشكلات المراهقين الشباب
أبرز المشكلات والتحديات السلوكية في حياة المراهق:
1- الصراع الداخلي: حيث يعاني المراهق من جود عدة صراعات داخلية، ومنها صراع بين الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، وصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة والأنوثة، وصراع بين طموحات المراهق الزائدة وبين تقصيره الواضح في التزاماته، وصراع بين غرائزه الداخلية وبين التقاليد الاجتماعية، والصراع القيمي بين ما تعلمه من شعائر ومبادئ ومسلمات وهو صغير وبين تفكيره الناقد الجديد وفلسفته الخاصة للحياة، وصراعه الثقافي بين جيله الذي يعيش فيه بما له من آراء وأفكار والجيل السابق.
2- الاغتراب والتمرد: فالمراهق يشكو من أن والديه لا يفهمانه، ولذلك يحاول الانسلاخ عن مواقف وثوابت ورغبات الوالدين كوسيلة لتأكيد وإثبات تفرده وتمايزه، وهذا يستلزم معارضة سلطة الأهل؛ لأنه يعد أي سلطة فوقية أو أي توجيه إنما هو استخفاف لا يطاق بقدراته العقلية التي أصبحت موازية جوهرياً لقدرات الراشد، واستهانة بالروح النقدية المتيقظة لديه، والتي تدفعه إلى تمحيص الأمور كافة، وفقا لمقاييس المنطق، وبالتالي تظهر لديه سلوكيات التمرد والمكابرة والعناد والتعصب والعدوانية.
3- الخجل والانطواء: فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعور المراهق بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على نفسه، فتزداد حدة الصراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي والانطواء والخجل.
4- السلوك المزعج: والذي يسببه رغبة المراهق في تحقيق مقاصده الخاصة دون اعتبار للمصلحة العامة، وبالتالي قد يصرخ، يشتم، يسرق، يركل الصغار ويتصارع مع الكبار، يتلف الممتلكات، يجادل في أمور تافهة، يتورط في المشاكل، يخرق حق الاستئذان، ولا يهتم بمشاعر غيره.
5- العصبية وحدة الطباع: فالمراهق يتصرف من خلال عصبيته وعناده، يريد أن يحقق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، ويكون متوتراً بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين به.
وتجدر الإشارة إلى أن كثيراًَ من الدراسات العلمية تشير إلى وجود علاقة قوية بين وظيفة الهرمونات الجنسية والتفاعل العاطفي عند المراهقين، بمعنى أن المستويات الهرمونية المرتفعة خلال هذه المرحلة تؤدي إلى تفاعلات مزاجية كبيرة على شكل غضب وإثارة وحدة طبع عند الذكور، وغضب واكتئاب عند الإناث.
من خصائص مرحلة المراهقة هي:” الغرق في الخيالات، وقراءة القصص الجنسية والروايات البوليسية وقصص العنف والإجرام، كما يميل إلى أحلام اليقظة، والحب من أول نظرة، كذلك يمتاز المراهق بحب المغامرات، وارتكاب الأخطار، والميل إلى التقليد، كما يكون عرضة للإصابة بأمراض النمو، مثل: فقر الدم، وتقوس الظهر، وقصر النظر”.
من مظاهر وسلوكيات الفتاة المراهقة: ” الاندفاع، ومحاولة إثبات الذات، والخجل من التغيرات التي حدثت في شكلها، و جنوحها لتقليد أمها في سلوكياتها، وتذبذب وتردد عواطفها، فهي تغضب بسرعة وتصفو بسرعة، وتميل لتكوين صداقات مع الجنس الآخر، وشعورها بالقلق والرهبة عند حدوث أول دورة من دورات الطمث، فهي لا تستطيع أن تناقش ما تحس به من مشكلات مع أفراد الأسرة، كما أنها لا تفهم طبيعة هذه العملية”.
هناك بعض المشاكل التي تظهر في مرحلة المراهقة، مثل: ” الانحرافات الجنسية، والميل الجنسي لأفراد من نفس الجنس، والجنوح، وعدم التوافق مع البيئة، وكذا انحرافات الأحداث من اعتداء، وسرقة، وهروب”، موضحاً “أن هذه الانحرافات تحدث نتيجة حرمان المراهق في المنزل والمدرسة من العطف والحنان والرعاية والإشراف، وعدم إشباع رغباته، وأيضاً لضعف التوجيه الديني”.
أن مرحلة المراهقة بخصائصها ومعطياتها هي أخطر منعطف يمر به الشباب، وأكبر منزلق يمكن أن تزل فيه قدمه؛ إذا انعدم التوجيه والعناية، أن أبرز المخاطر التي يعيشها المراهقون في تلك المرحلة:” فقدان الهوية والانتماء، وافتقاد الهدف الذي يسعون إليه، وتناقض القيم التي يعيشونها، فضلاً عن مشكلة الفراغ “.
سابعاً: الصراعات التي يعاني منها المراهق
ومن أهم الصراعات التي يعاني منها المراهق :
– الصراع بين مغريات الطفولة والرجولة.
– الصراع بين شعوره الشديد بذاته وشعوره الشديد بالجماعة.
– الصراع الجنسي بين الميل المتيقظ وتقاليد المجتمع، أو بينه وبين ضميره.
– الصراع الديني بين ما تعلمه من شعائر، وبين ما يصوره له تفكيره الجديد.
– الصراع العائلي بين ميله إلى التحرر من قيود الأسرة، وبين سلطة الأسرة.
– الصراع بين مثالية الشباب، والواقع.
– الصراع بين جيله والجيل الماضي.
ويضاف إلى ذلك صراعات تنتج من وجود أهداف متعارضة في داخل نفسه يرغب في تحقيقها معاً، ولكنها بطبيعتها إذا استطاع أن يحقق أحدها أصبح تحقيق الآخر أمراً مستحيلاً كالرغبة في التفوق الدراسي وفي اللعب في الوقت نفسه، أو الرغبة في الطاعة والتمرد.
ثامناً: علاج مشكلات المراهقين
على المتصدين للعمل في مجال الشباب أن يتميز تعاملهم بالتعقل والحكمة وحب الخير والصلاح والصدق ويكون مفعماً بالمحبة والصفاء، ففي ذلك يمكن انتشال قلوب الشباب مما قد يعتريها حيثما كانوا، حتى وإن تلبّدت برين الخطيئة، بسبب ما تحمله من براءة. ويكون العلاج من خلال :
– تشجيع النشاط الترويحي الموجه.
– القيام بالرحلات.
– إشراك المراهق في النشاطات الشبابية والأندية..
– توعيته بالحقائق الجنسية عن طريق دراستها دراسة علمية موضوعية.
– توجيه اهتمام المراهق نحو النشاط الرياضي والكشفي والاجتماعي والثقافي والعلمي
– تعريفه بأضرار السلوكيات الجنسية الخاطئة.
– إعلاء غرائز المراهق والتسامي بها وتحويلها إلى أنشطة إيجابية بناءة.
– قبول المراهق في مجتمعات الكبار، وإتاحة الفرصة أمامه للاشتراك في نشاطهم، وتحمل المسؤوليات التي تتناسب مع قدراته وخبراته.
– التغذية الكاملة والصحية حتى تساعد الجسم، وتمده بما يلزمه للنمو.
– استغلال نزعة حب الاستطلاع لديه في تنمية القدرة على البحث والتنقيب وغير ذلك من الهوايات النافعة.
– الاهتمام بقدرات المراهق الخاصة والعمل على توفير فرص النمو لهذه القدرات.
– تشجيعه على العمل بمعسكرات الكشافة والرحلات، والاشتراك في مشروعات الخدمة العامة والعمل الصيفي.
– توجيه المراهقين وجهة إيجابية تتفق مع فلسفة المجتمع المسلم وأهدافه في التقدم والرخاء، وعلى هدى من تعاليم إسلامنا الحنيف.
– تزويد المراهقين بالحقائق والمعلومات المقنعة التي تثبت إيمانهم وترسخ عقيدتهم، وتحميهم من نزعات الإلحاد والشك.
– إشراك المراهق في المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته، وتعويده على طرح مشكلاته، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة
– ينبغي أن يحاط المراهق علماً بالأمور الجنسية عن طريق التدريس العلمي الموضوعي، حتى لا يكون فريسة للجهل والضياع أو الإغراء.
– دمج المراهق في النشاط الاجتماعي.
– مراقبة خلوات المراهقين.
– ملء أوقات الفراغ.
– تشكيل القدرة الحسنة. (الابتعاد عن التأنيب المتواصل).
– تنمية الشعور بتقدير الذات عملياً.
– مراقبة أي تغير في السلوك.
– تنمية القيم الأخلاقية والدينية (التضحية، المساعدة…) التحمل، العبر..
– تقديم البدائل التربوية الصالحة في مقابل البدائل السيئة.
تاسعاً: المسؤوليات التربوية اتجاه المراهقين والشباب
1) مسؤولية الأسرة:
– ضرورة تقويم وتوجيه الشباب المراهق نحو المسؤوليات الاجتماعية.
– ضرورة الاهتمام بالتزكية الأخلاقية.
– ضرورة الاهتمام بالتربية الاجتماعية.
– ضرورة مراقبة واحتضان الشباب المراهق.
2) مسؤولية المجتمع الإسلامي ومؤسساته:
– التقدير العملي لقيمة وأهمية الشباب.
– عدم تحويل الشباب إلى سلعة للاستهلاك.
– اعتبار الشباب قضية اجتماعية عامة.
– الحد من هجرة أو بطالة الشباب من خلال التنمية
– تقديم القيم والمثل الصالحة لهم.
– استغلال طاقة الشباب.
– مصارحتهم وتنمية وعيهم العام وحس المسؤولية لديهم وفهم متطلباتهم.
نماذج وحلول:
لمساعدة الأهل على حسن التعامل مع المراهق ومشاكله، نقدم فيما يلي نماذج لمشكلات يمكن أن تحدث مع حل عملي، سهل التطبيق، لكل منها.
ü المشكلة الأولى: وجود حالة من “الصدية” أو السباحة ضد تيار الأهل بين المراهق وأسرته، وشعور الأهل والمراهق بأن كل واحد منهما لا يفهم الآخر.
الحل المقترح: إن السبب في حدوث هذه المشكلة يكمن في اختلاف مفاهيم الآباء عن مفاهيم الأبناء، واختلاف البيئة التي نشأ فيها الأهل وتكونت شخصيتهم خلالها وبيئة الأبناء، وهذا طبيعي لاختلاف الأجيال والأزمان، فالوالدان يحاولان تسيير أبنائهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، وبالتالي يحجم الأبناء عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها، أو أنهم – حتى إن فهموها – ليسوا على استعداد لتعديل مواقفهم.
ومعالجة هذه المشكلة لا تكون إلا بإحلال الحوار الحقيقي بدل التنافر والصراع والاغتراب المتبادل، ولا بد من تفهم وجهة نظر الأبناء فعلاً لا شكلاً بحيث يشعر المراهق أنه مأخوذ على محمل الجد ومعترف به وبتفرده – حتى لو لم يكن الأهل موافقين على كل آرائه ومواقفه – وأن له حقاً مشروعاً في أن يصرح بهذه الآراء. الأهم من ذلك أن يجد المراهق لدى الأهل آذاناً صاغية وقلوباً متفتحة من الأعماق، لا مجرد مجاملة، كما ينبغي أن نفسح له المجال ليشق طريقه بنفسه حتى لو أخطأ، فالأخطاء طريق للتعلم.
وليختر الأهل الوقت المناسب لبدء الحوار مع المراهق، بحيث يكونا غير مشغولين، وأن يتحدثا جالسين، جلسة صديقين متآلفين، يبتعدا فيها عن التكلف والتجمل، وليحذرا نبرة التوبيخ، والنهر، والتسفيه..
حاولا الابتعاد عن الأسئلة التي تكون إجاباتها “بنعم” أو “لا”، أو الأسئلة غير الواضحة وغير المباشرة، و افسحا له مجالاً للتعبير عن نفسه، ولا تستخدما ألفاظاً قد تكون جارحة دون قصد، مثل: “كان هذا خطأ” أو “ألم أنبهك لهذا الأمر من قبل؟”.
ü المشكلة الثانية: شعور المراهق بالخجل والانطواء، الأمر الذي يعيقه عن تحقيق تفاعله الاجتماعي، وتظهر عليه هاتين الصفتين من خلال احمرار الوجه عند التحدث، والتلعثم في الكلام وعدم الطلاقة، وجفاف الحلق.
الحل المقترح: إن أسباب الخجل والانطواء عند المراهق متعددة، وأهمها: عجزه عن مواجهة مشكلات المرحلة، وأسلوب التنشئة الاجتماعية الذي ينشأ عليه، فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعوره بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على نفسه، فيحدث صراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي، والانطواء والخجل عند التحدث مع الآخرين.
ولعلاج هذه المشكلة ينصح بـ: توجيه المراهق بصورة دائمة وغير مباشرة، وإعطاء مساحة كبيرة للنقاش والحوار معه، والتسامح معه في بعض المواقف الاجتماعية، وتشجيعه على التحدث والحوار بطلاقة مع الآخرين، وتعزيز ثقته بنفسه.
ü المشكلة الثالثة: عصبية المراهق واندفاعه، وحدة طباعه، وعناده، ورغبته في تحقيق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، وتوتره الدائم بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين به.
الحل المقترح: أن لعصبية المراهق أسباباً كثيرة، منها: أسباب مرتبطة بالتكوين الموروث في الشخصية، وفي هذه الحالة يكون أحد الوالدين عصبياً فعلاً، ومنها: أسباب بيئية، مثل: نشأة المراهق في جو تربوي مشحون بالعصبية والسلوك المشاكس الغضوب.
كما أن الحديث مع المراهقين بفظاظة وعدوانية، والتصرف معهم بعنف، يؤدي بهم إلى أن يتصرفوا ويتكلموا بالطريقة نفسها، بل قد يتمادوا للأشد منها تأثيراً، فالمراهقون يتعلمون العصبية في معظم الحالات من الوالدين أو المحيطين بهم، كما أن تشدد الأهل معهم بشكل مفرط، ومطالبتهم بما يفوق طاقاتهم وقدراتهم من التصرفات والسلوكيات، يجعلهم عاجزين عن الاستجابة لتلك الطلبات، والنتيجة إحساس هؤلاء المراهقين بأن عدواناً يمارس عليهم، يؤدي إلى توترهم وعصبيتهم، ويدفعهم ذلك إلى عدوانية السلوك الذي يعبرون عنه في صورته الأولية بالعصبية، فالتشدد المفرط هذا يحولهم إلى عصبيين، ومتمردين.
وهناك أسباب أخرى لعصبية المراهقين كضيق المنزل، وعدم توافر أماكن للهو، وممارسة أنشطة ذهنية أو جسدية، وإهمال حاجتهم الحقيقية للاسترخاء والراحة لبعض الوقت.
ولعلاج هذه المشكلة ينصح بـأن علاج عصبية المراهق يكون من خلال الأمان، والحب، والعدل، والاستقلالية، والحزم، فلا بد للمراهق من الشعور بالأمان في المنزل.. الأمان من مخاوف التفكك الأسري، والأمان من الفشل في الدراسة، والأمر الآخر هو الحب فكلما زاد الحب للأبناء زادت فرصة التفاهم معهم، فيجب ألا نركز في حديثنا معهم على التهديد والعقاب، والعدل في التعامل مع الأبناء ضروري؛ لأن السلوك التفاضلي نحوهم يوجد أرضاً خصبة للعصبية، فالعصبية ردة فعل لأمر آخر وليست المشكلة نفسها، والاستقلالية مهمة، فلا بد من تخفيف السلطة الأبوية عن الأبناء وإعطائهم الثقة بأنفسهم بدرجة أكبر مع المراقبة والمتابعة عن بعد، فالاستقلالية شعور محبب لدى الأبناء خصوصاً في هذه السن، ولابد من الحزم مع المراهق، فيجب ألا يترك لفعل ما يريد بالطريقة التي يريدها وفي الوقت الذي يريده ومع من يريد، وإنما يجب أن يعي أن مثل ما له من حقوق، فإن عليه واجبات يجب أن يؤديها، وأن مثل ما له من حرية فللآخرين حريات يجب أن يحترمها.
ü المشكلة الرابعة: ممارسة المراهق للسلوك المزعج، كعدم مراعاة الآداب العامة، والاعتداء على الناس، وتخريب الممتلكات والبيئة والطبيعة، وقد يكون الإزعاج لفظياً أو عملياً.
الحل المقترح: من أهم أسباب السلوك المزعج عند المراهق: رغبته في تحقيق مقاصده الخاصة دون اعتبار للمصلحة العامة، والأفكار الخاطئة التي تصل لذهنه من أن المراهق هو الشخص القوي الشجاع، وهو الذي يصرع الآخرين ويأخذ حقوقه بيده لا بالحسنى، وأيضاً الإحباط والحرمان والقهر الذي يعيشه داخل الأسرة، وتقليد الآخرين والاقتداء بسلوكهم الفوضوي، والتعثر الدراسي، ومصاحبة أقران السوء.
أما مظاهر السلوك المزعج، فهي: نشاط حركي زائد يغلب عليه الاضطراب والسلوكيات المرتجلة، واشتداد نزعة الاستقلال والتطلع إلى القيادة، وتعبير المراهق عن نفسه وأحاسيسه ورغباته بطرق غير لائقة (الصراخ، الشتم، السرقة، القسوة، الجدل العقيم، التورط في المشاكل، والضجر السريع، والتأفف من الاحتكاك بالناس، وتبرير التصرفات بأسباب واهية، والنفور من النصح، والتمادي في العناد).
ولعلاج هذه المشكلة ينصح بـتبصير المراهق بعظمة المسؤوليات التي تقع على كاهله وكيفية الوفاء بالأمانات، وإشغاله بالخير والأعمال المثمرة البناءة، وتصويب المفاهيم الخاطئة في ذهنه، ونفي العلاقة المزعومة بين الاستقلالية والتعدي على الغير، وتشجيعه على مصاحبة الجيدين من الأصدقاء ممن لا يحبون أن يمدوا يد الإساءة للآخرين، وإرشاده لبعض الطرق لحل الأزمات ومواجهة عدوان الآخرين بحكمة، وتعزيز المبادرات الإيجابية إذا بادر إلى القيام بسلوك إيجابي يدل على احترامه للآخرين من خلال المدح والثناء، والابتعاد عن الألفاظ الاستفزازية والبرمجة السلبية وتجنب التوبيخ قدر المستطاع.
ü المشكلة الخامسة: تعرض المراهق إلى سلسلة من الصراعات النفسية والاجتماعية المتعلقة بصعوبة تحديد الهوية ومعرفة النفس يقوده نحو التمرد السلبي على الأسرة وقيم المجتمع، ويظهر ذلك في شعوره بضعف الانتماء الأسري، وعدم التقيد بتوجيهات الوالدين، والمعارضة والتصلب في المواقف، والتكبر، والغرور، وحب الظهور، وإلقاء اللوم على الآخرين، التلفظ بألفاظ نابية.
الحل المقترح: إن غياب التوجيه السليم، والمتابعة اليقظة المتزنة، والقدوة الصحيحة يقود المراهق نحو التمرد، ومن أسباب التمرد أيضاً: عيش المراهق في حالة صراع بين الحنين إلى مرحلة الطفولة المليئة باللعب وبين التطلع إلى مرحلة الشباب التي تكثر فيها المسؤوليات، وكثرة القيود الاجتماعية التي تحد من حركته، وضعف الاهتمام الأسري بمواهبه وعدم توجيهها الوجهة الصحيحة، وتأنيب الوالدين له أمام إخوته أو أقربائه أو أصدقائه، ومتابعته للأفلام والبرامج التي تدعو إلى التمرد على القيم الدينية والاجتماعية والعنف.
ولعلاج هذه المشكلة ينصح بـأن يكون بالوسائل التالية: السماح للمراهق بالتعبير عن أفكاره الشخصية، وتوجيهه نحو البرامج الفعالة لتكريس وممارسة مفهوم التسامح والتعايش في محيط الأندية الرياضية والثقافية، وتقوية الوازع الديني من خلال أداء الفرائض الدينية والتزام الصحبة الصالحة ومد جسور التواصل والتعاون مع أهل الخبرة والصلاح في المحيط الأسري وخارجه، ولا بد من تكثيف جرعات الثقافة الإسلامية، حيث إن الشريعة الإسلامية تنظم حياة المراهق لا كما يزعم أعداء الإسلام بأنه يكبت الرغبات ويحرم الشهوات، والاشتراك مع المراهق في عمل أنشطة يفضلها، وذلك لتقليص مساحات الاختلاف وتوسيع حقول التوافق وبناء جسور التفاهم، وتشجيع وضع أهداف عائلية مشتركة واتخاذ القرارات بصورة جماعية مقنعة، والسماح للمراهق باستضافة أصدقائه في البيت مع الحرص على التعرف إليهم والجلوس معهم لبعض الوقت، والحذر من البرمجة السلبية، وتجنب عبارات: أنت فاشل، عنيد، متمرد، اسكت يا سليط اللسان، أنت دائماً تجادل وتنتقد، أنت لا تفهم أبداً…إلخ؛ لأن هذه الكلمات والعبارات تستفز المراهق وتجلب المزيد من المشاكل والمتاعب ولا تحقق المراد من العلاج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق