الأربعاء، 29 مارس 2017

أعلام مراكش:الفقيه محمد بن عبد القادر مسو

خليفة مزضوضي
عالم فريد، ومحاضر قدير، شخصية خاصة، نسيج وحده، مزاج متفرد، لايمكن أن يذكر العلم في مراكش دون أن يذكر هذا العالم الفذ له حكايات وطرائف ومواقف لازال أهل مراكش يذكرونها حتى يومنا هذا.
سمعت عنه الكثير من بعض العلماء والاصدقاء، وسمعت كذلك عنه من شيخنا الجليل، مولاي أحمد أبو عبيدة الذي كان من كبار طلبته، فقد سألته عنه يوما فقال لي لم نرى مثله في علمه وسعة إطلاعه،
ولد بمراكش بحي روض العروس، درب سيدي بوعمر والقسطلي عام 1318 هـ / 1900 م تقريبا. قرأ القرآن الكريم بكتاب درب أعرجان إلى جانب بعض المتون اللغوية والدينية. بعدما التحق بجامعة ابن يوسف فدرس على مجموعة من الشيوخ الكبار نذكر منهم السادة : العلامة مولاي امبارك العلوي الأمراني. وهو عدته، شيخ الجماعة العلامة الحاج العربي الرحماني البربوشي، العلامة مولاي أحمد العلمي اليملحي، العلامة مولاي ادريس السرغيني، العلامة بوشعيب الشاوي، العلامة البركة سيدي أحمد ولد الحاج المحجوب وغيرهم. مجالسه العلمية: كان يعقد مجالسه العلمية والوعظية بالمساجد التالية جامع حي طباشي : يدرس فيه التفسير والسيرة النبوية. جامع الشرفاء: يدرس فيه التفسير والسيرة النبوية. جامع الطيب: يدرس فيه التفسير. جامع سيدي أيوب : يدرس فيه الهمزية. جامع تاسفسارت : يدرس فيه التفسير والسيرة والمنطق.

كان أغلب توجهه إلى الطبقة الشعبية، يعلمهم امور دينهم، ويوسع مداركهم حتى يشاركوا في الحياة العلمية، كان فصيح الكلام مع نبرة شرقية، وتعبير جميل، ولفظ رشيق، وقوة استحضار، الشيء الذي جعل الناس يتزاحمون على مجالسه ويحرصون عليها. كان متميزا جدا، فلم يعلم في عصره مثله، رجاحة عقل، وبعد نظر وسعة خيال، واتقانا لعلوم الآلة، فلا يترك مسألة نحوية أو بلاغية أو لغوية إلا وأفاض القول فيها ولا يعترضه سند من أنواع السن إلا وأجال فيه القول وأعاد، وحكم القواعد والأصول وأبان عن عمق تفكيره، وسعة أفقه، وتمكنه بناصية القول. وهذا ما دفع الشيخ أبا شعيب الدكالي أن يقول فيه “إن تكن شعلة في الحضرة المراكشية فهو محمد بن عبد القادر العلوي” إلى جانب هذا كله درب اللسان حاد الطبع لا يستطيع أحد أن يواجهه أو يتكلم في مجلسه. كان عالما لا يخاف في الله لومة لائم، لا فرق عنده بين غني وفقير، ورفيع ووضيع، وحاكم ومحكوم، وسيدي ومسود، فقد كان متجردا عن المطامع، متعلق بالله وحده. كان يفضح في دروسه مخططات الإستعمار، ويندد بالأعمال والخروقات الخاطئة التي تمارسها، وكان يستغل دروسه لإيقاظ الرأي العام المراكشي لما يحاك حوله، كان كثير الإنتقاد للباشا الكلاوي في دروسه، وكان يعرض به كثيرا ويصفه بأوصاف لا تخلوا من التنديد والاعتراض.
وفاته: توفي رحمه الله يوم الأحد 24 رجب 1376 هـ موافق 1957 على الساعة الثانية والنصف صباحا ببيت الشريف محمد بن ادريس الدراز رحمه الله، ودفن بروضة باب اغمات وصلى عليه الشيخ الرحالي الفاروقي، وقد شيعه جموع غفيرة، وقد حدثني شيخي مولاي أحمد أبو عبيدة عن جنازته فقال: لم نر مثلها في حجمها وحكى الحاج ادريس الدراز – أن الشيخ ابن عبد القادر لما كان في النزع الأخير كان يحدق ببصره في سقف البيت ويقول بلى إنه الحق ثلاث مرات ويقول كلا والله لابد من البعث. رحمه الله وأحسن جزاءه ورفع درجته. أمين أمين والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق