الأربعاء، 15 مايو 2024

الأضحية بين العبادة والعادة


 خليفة مزضوضي مدير أكاديمية الأنطاكي الدولية الخاصة للبحث والتدريب والابتكار والتنمية وتنميةالقدرات….!!!

تقدم السن بخليل الله إبراهيم عليه السلام، وتمنى على الله أن يمن عليه بذرية صالحة تخلفه، وتحمل النبوة من بعده، فتضرع إلى الله بالدعاء، (رب هب لي من الصالحين)، فكانت الإجابة (فبشرناه بغلام حليم).. ولما شبّ الولد واستأنس به الخليل، جاءه الأمر بذبحه، عبر رؤيا رآها، وقصها على ابنه إسماعيل، بلغة تقطر أدبا ومحبة، كما يحكيها القرآن الكريم، (قال: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى)، وبنفس الإيمان والعظمة يجيب إسماعيل: (يا أبت افعل ما تومر ستجدني إن شاء الله من الصابرين)، وتقدم الخليل لتنفيذ أمر الله، كما تلقاه، فجاءه الملك يحمل ذبحا وصف بالعظيم، وانتهت القصة بتهنئة النبي إبراهيم على ثباته وصدقه وقوة إيمانه.

هذه هي حكاية الأضحى، كما يسردها القرآن الكريم، في سورة الصافات، وهذه هي غاياتها العليا والجوهرية: الصدق في الإيمان، التطبيق العملي لمقتضيات هذا الإيمان، الأدب الجم في تلقي أمر الله، وفي عرضه على الابن إسماعيل، ثم في مباشرة التنفيذ، والتحلي بالصبر الجميل، وأخيرا الشهادة بالنجاح في الامتحان، (وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، إنا كذلك نجزي المحسنين)، هذه هي المعاني التي عاشها وتشربها النبي إبراهيم، صحبة ابنه إسماعيل، وحكاها لنا القرآن الكريم، ودعانا إلى التأسي بها. فأين نحن اليوم من هذه المعاني؟ أين نحن من المقاصد والغايات الكبرى التي وجدت من أجلها المواسم والشعائر الدينية ابتداء؟

لقد غابت المعاني كلية أو تكاد، ولم يبق هناك إلا المظاهر والأشكال الفارغة من كل مضمون صحيح وحقيقي. لقد اختزل الأضحى في الكبش، الذي تحول اقتناؤه إلى فريضة اجتماعية، وإلى تحدّ صعب، تخوضه الأسر كل عام، وإلى همّ يؤرق الآباء. وتحولت هذه الشعيرة عند الكثيرين إلى امتحان لإثبات الرجولة، وطلب الاستحقاق. ومن ثم، نتساءل: ما قيمة اللحم والشحم في غياب المعاني المرجوة من هذه المناسبة؟

لم يتحدث القرآن الكريم عما فعله إبراهيم عليه السلام بهذا الكبش العظيم الذي تلقاه، لأن أمر أكل اللحم ها هنا ليس مطلوبا لذاته، وهو متروك لعوائد الناس وتقاليدهم، وإنما انصرف القرآن إلى التأكيد على المهم فالأهم، مما يحيى به الناس حقيقة، وتبنى به الحضارات: الصدق الحقيقي، الفهم العميق لمعنى التدين، التطبيق العملي لمقتضيات الإيمان، الأخلاق الكريمة. لست أدري بأي منطق يتحدث بعض الوعاظ والخطباء، حين يحدثون المواطنين بأن توفير الأضحية سنة وليست بواجب، للقادرين عليها، جريا على رأي المالكية في الموضوع، ثم ينتقلون في الخطبة نفسها للحديث عن أهمية السنة، والتحذير من تضييعها، والتأكيد على الأمر بما يفيد ضرورة اقتنائها؛ وهو ما يزيد السامعين ارتباكا على ارتباكهم. فأين الفرائض أولا حتى نبحث عن السنن ونؤكد عليها؟ أين صدق إبراهيم وإيمانه الشامخ؟ أين فهمه العميق وأدبه الجم؟ وأين صبر إسماعيل وحسه الرفيع؟ أين ما يبشر به الدين من نظافة وأناقة في شوارعنا وأزقتنا أيام العيد؟ أين حسن الخلق في أسواقنا وتجمعاتنا، وأين وأين؟

يتحمل العلماء والوعاظ قسطا كبيرا من المسؤولية حين لا يبينون للناس حقيقة هذه الشعيرة، وفلسفة حكمها، ولا يجتهدون في ذلك بما يوافق واقعهم، وما يستجد لديهم من أقضية، وإلا لماذا يتكلف شراءها من لا يملك القدرة على ذلك؟ ولماذا يسأل الناس عن إمكانية اقتنائها عن طريق الاستدانة من الأبناك، مما يزيدهم شدة ومعاناة؟ و يتعرضون للاستغلال وابتزاز من مؤسسات القروض، التي يتضاعف نشاطها في مثل هذه المناسبات، مستغلة لهفة الناس وحرصهم على توفير أضحية العيد. أليس الأمر يتعلق بسنة؟ أليست السنن مبنية على التخفيف؟ فأين يتجلى هذا التخفيف في تعاملنا مع أضحية العيد؟ ألم يضح بلال بديك، ويذكر في السماء؟

لقد تحولت مناسبة عيد الأضحى عندنا إلى عادة اجتماعية مستحكمة، وإلى هوس ومغالبة؛ لأننا أضعنا المعنى، ونشكو خللا كبيرا في ترتيب الأولويات

الأربعاء، 1 مايو 2024

صعوبات التحديات و دقة المرحلة، في أبعادها الوطنية و الدولية


 خليفة مزضوضي مدير أكاديمية الأنطاكي الدولية الخاصة للبحث والتدريب والابتكار والتنمية وتنميةالقدرات….!!!

صعوبة التحديات و دقة المرحلة، في أبعادها الوطنية و الدولية، تستدعي منا :

1 - تقوية الثقة في الذات المجتمعية، و تعزيز مناعتها عبر ترسيخ قيم الجدية والعمل والعطاء والتضامن والنزاهة والولاء للوطن ؛ 

2 - الثقة في الكيان الوطني بحمولته المؤسساتية ورأسماله القيمي، على أساس علاقة تعاقدية قوامها ضمان الحقوق و الحريات و الواجبات المتساوية لكل المواطنين، ؛ 

3 - الدفاع عن غنى تنوع روافد الهوية الوطنية و الانتماء المغربي الأصيل، و المسؤولية المشتركة في رفع تحديات المستقبل المشترك ؛

4 - تشجيع المشاركة السياسية و النضال المؤسساتي من أجل تمثين البناء الديمقراطي ليصير أقوى بمشاركة المواطنين في حفظه و حمايته؛ 

5 - تحفيز التنمية والتقدم باستيعاب ذكاء جميع أبناء الوطن المخلصين له وترسيخ القناعة بالأولية الوطنية في كل القطاعات الاقتصادية ؛ 

6 - تطوير المشاركة المواطنة، و الوعي بوجوب المساهمة في صناعة الواقع الوطني، حاضرا و مستقبلا، وتحمل مسؤولية الدفاع عن إيجابياته وتجاوز سلبياته ؛ 

7 - تطوير الحكامة العمومية لإنجاح الأوراش الاستراتيجية التنموية ببلادنا، في ظرف دولي معقد ومتوتر ؛ 

8 - الإيمان بقدرة الرأسمال البشري الوطني والكفاءات المغربية على المساهمة في البناء والتجديد لتقوية و تطوير الأداء و بلوغ مستويات تدبير تحقق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والمعرفية والصحية المدمجة ؛

9 - مضاعفة الجهود لتظل كرامات المواطنين محفوظة، من خلال سياسات و برامج عمومية فعالة ملائمة للسياق الموسوم بتنوع عوامل الهشاشة ؛

  • في كل ذلك، يجب أن تكون الأهداف هي:

★ أن تظل الراية الوطنية خفاقة في الأفق القاري والدولي... 

★أن يتعزز الأمن القومي الاستراتيجي الوطني والعالمي... 

★ أن يظل النموذج الحضاري للأمة المغربية متميزا بما فيه من ركائز الهوية الوطنية والثوابث التي تؤطر حركتنا وطموحاتنا....

قوانين الربط و التشابك الشبحي

خليفة مزضوضي مدير أكاديمية الأنطاكي الدولية الخاصة للبحث والتدريب والابتكار والتنمية وتنميةالقدرات….!!!

تحدث العديد من العلماء و الخبراء في علوم آخر الزمن و الباراسيكولوجي عن مفهوم مأطر زمانيا و محدد نوعيا أسموه "انفراط حبات النظام الكوني".

قبل بلوغ هذه الطفرة النوعية، لنعد قليلا إلى الوراء لدراسة بعض الحالات التي شكلت على مدار سنوات تراكما كميا هائلا.

أولا لا يستطيع عاقل إنكار وجود قوة قهرية فرضت قوانين قهرية منذ بداية الأحداث، كان الصراع القطبي و كرة القدم الأثيرية محوراها الأساسيان، ثم العمود الفقري الذي يدير جماهير البيت الصغير، يوجه وعيها و ينظم سعيها و أحيانا يجود بالخفاء على بعض من أفرادها بعد التداول و البناء.

ثم شيئا فشيئا بدأنا نراقب عن كثب حدوث ظواهر و كوارث فجائية في كل مكان، كان وجه التشابه بينها التكون داخل حقل موحد، تترابط و تتشابك فيه نقاط مبعثرة في الفضاء الكوني بشكل خرافي.

 لعل المدهش في الأمر الموازنة الدقيقة بين الأعلى و الأسفل، و بين اليمين و اليسار، ثم تكرار الحدث فور إعادة المسببات في نفس الشروط النظامية.

كنا قد تحدثنا في السابق عن مصفوفة رقمية تربط بين الأشياء و الأشخاص إنطلاقا من صفات ذاتية خاصة و محددة.

إلى جانب الجمع التنسيقي الخارق و الذكي جدا بين مجموعة نقاط متناثرة في الفضاء الكوني، أصبحنا نعي أن إضفاء صفات نوعية على عناصر المصفوفة لم يكن عبثا...

لسبب بسيط: في مرحلة ما سيتم خلق دينامية نظامية تأخذ في كل مرة بعين الإعتبار بعض العناصر المحددة نوعيا لتدخلها كطرف فاعل في معادلة صناعة الأحداث الإستثنائية... و لعل قانون ارتباط المسببات بالنواتج هو ما يجعلنا نراقب عن كثب إعادات لا تنتهي لأحداث متشابهة إلى حد بعيد.

لا زلت أرفض فكرة أن شخص معين أو كائن من عالم موازي يقف وراء صناعة الأحداث، بل أصبحت أميل إلى مقاربة "تلقائية صناعة الأحداث" و هي صفة تمتاز بها الطبيعة في حد ذاتها.

لو أمعنت النظر قليلا لفكرت ربما أن هذه القوة القهرية متفوقة بسنوات ضوئية على العقل البشري في أبهى حالاته، و هذا التفوق يتضح حصريا في الربط الذكي و الدقيق بين نقاط مبعثرة في الفضاء الكوني.


قد يكون من الفراسة محاولة إعادة قانونية النظام الكوني و عدم العبث بقوانين الطبيعة.