خليفة مزضوضي
كلنا نعرف الأمراض المعدية،
ونتجنب حامليها، وهناك وسائل للوقاية منها، والشيء بالشيء يذكر، الإحباط والفشل
مرضان مُعديانٍ، لا يختلفا عن بقية الأمراض، لأن المحبَط والفاشل، لا يرى في هذا
العالم شيئًا جميلاً، وترى التشاؤم، والهزيمة، والإخفاق، كلها مكتوبة بين عينيه.
الفشل هو الخطوة الأولى نحو
النجاح وليس نهاية الطريق بل هو البداية دائمًا، أعلم أن الفشل هو نعمة وحالة إذا
لم تمر بها لا يمكن أن تنجح وتكتشف نفسك، عندما تفشل في شيء فهذا لا يعني النهاية
إن جعلتها درسًا للبداية، راجع وضعك الحالي وغير الاستراتيجيات متى ما لمست عدم
جدواها. جميعنا نمر بالفشل وكثير منّا يعتبر الفشل نقمة على الإنسان ولكن إذا لم
يوجد الفشل فقدنا التجربة والخبرة في الوصول إلى الهدف الذي نريده.
إن الفشل هو سر النجاح والحياة،
وسر الأحلام والطموح، فالفشل هو النقطة المحفزة لعقولنا. وكما لك الحق في العيش في
هذا الوجود، فإن لك الحق أن يكون لك دور في الحياة، وإصرارك على أداء هذا الدور هو
الذي يجعلك قادرًا على تحقيقه بثقة ويقين، القصور المبنية على الرمال، سرعان ما
تدمرها الرياح والمياه، كذلك نجاحات الصيد في الماء العكر، وأن الممكنات أكثر من
المستحيلات، وأن كل أمر مستحيل يحيط به ألف أمر ممكن، جرب ما لم يجربه غيرك،
والمطلوب أن تكون مرنـًا حتى مع خططك كما هو مطلوب في تعاملك مع نفسك، والمحاسبة
لا تعني المحاكمة، ولذلك فهي ليست من أجل إصدار أحكام إدانة أو براءة، وإنما هي من
أجل تحسين العمل وتطويره، ولكن حاسب نفسك بتجرد، لتتجنب محاسبة الآخرين لك بانحياز.
بعض الناس يمشي بالحياة ويضع
فشله أمامه، وبعض الناس يمشي بالحياة وتجاربه السابقة تساعده وينطلق من جديد.
قال النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: “وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وأنَّ
الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وأنَّ مَعَ العُسْرِ يُسرًا”. ربما ما يراه الناس منك هو
فشل، هو بالحقيقة خطوة نحو نجاحك الأكيد. لذلك عليك أن تصعد فوق فشلك، وتمشي فوق
الجرح والألم لتصل إلى شواطئ السلام والنجاح، لو شغلت فكرك بالنجاح ستنجح، ولو
شغلت فكرك بالفشل ستفشل، كثير من الناس تتولد مشاكلهم من عدم وجود مشاكل لديهم،
فيتحولون هم إلى مشكلة.
إن الخوف من الفشل يعتبر أول
خطوة إلى الفشل بل هو الفشل عينه فقد فشلت قبل أن تبدأ. لا يوجد هناك فشل حقيقي،
فما ندعي بأنه فشل ما هو إلا خبرة قد اكتسبناها من واقع تجاربنا في الحياة، إذ إن
الشخص الفاشل هو الذي لا يتعظ من تجاربه، ويعتبر أن الأمر منتهي من حيث فشله.
ينهزم بعض الأفراد حين يسقطون في حفر الفشل، الأمر الذي يولّد عندهم تخوّفًا من
الإبداع والتميّز وهروبًا من التحدّي والإنجاز، وينظرون للعالم من حولهم بالفشل.
وأناس يهبون بقوة وهمة عالية جديدة، سقوط الإنسان ليس فشلاً ولكن الفشل أن يبقى
حيث يسقط، الناجح هو شخص يكسب أصدقاء مزيفين، وأعداء حقيقيين، فكل دقيقة لا تضيف
إلى وجودك، فإنها تحط من قدرك.
بعض الأشخاص عندما يواجهون
عقبات في الطريق فإنهم يضخمون هذه العقبات ويعطونها أكثر مما تستحق من الوقت
والجهد، مما قد يسبب ضغطـًا نفسيًا يحول بينه وبين إدراك الحل، وإعطاء النفس فترة
من الراحة أمر ضروري، فالضغط النفسي قد يصور الأمر على غير حقيقته مما يتعذر على
الإنسان اكتشاف الحل، فقد نبذل جهدًا قويًا وعملاً شاقـًا تجاه تحقيق أهدافنا أو
مشروعاتنا ومع ذلك نجد الإخفاق، وأحيانًا نلتصق بعمل ما حتى إننا لا نستطيع أن نرى
عملاً غيره، ولا ندري لماذا؟ وهذه النقطة بالذات تجعل كثيرًا من الناس يقلعون
ويتركون أعمالهم التي شرعوا فيها، ولهذا فإن إعطاء النفس قسطـًا من الراحة أمر
ضروري للاستمرار.
لا تحزن على خسارة ماضيك أو
موقف صعب قد مر وانتهى، وتذكر جملة أم كلثوم «تفيد بإيه يا ندم وتعمل إيه يا
عذاب» لأنه لن يجدي نفعًا أبدًا، فافتح صفحة جديدة وأكمل حياتك بعزيمة وإرادة
للتقدم نحو الأفضل.
إياكِ أن تكون نموذجًا لذلك
الرجل الضعيف ذي القلب الهش الذي إن تعرض لمشكلة استنزفت طاقته بالغضب والإحباط
وامتنع عن العناية بنفسه وأهمل أموره وغرق في حالة الإحباط وكأنه في الواقع يعاقب
نفسه بل يجعل حاله يصبح أكثر سوءًا وتنحدر بنفسيته إلى الهاوية بدلاً من أن ينهض
بنفسه ويدعم معنوياته.
تذكر الحديث النبوي الشريف الذي
يقول: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف». فتغلب على مشاكلك بكثير
من الإيمان والإرادة الصلبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق