الأحد، 21 أبريل 2024

جدلية المثلية و التماثل


 خليفة مزضوضي مدير أكاديمية الأنطاكي الدولية الخاصة للبحث والتدريب والابتكار والتنمية !!!

عندما نتحدث عن المثلية في الثقافة السائدة، فهذا مفهوم شائع قد يعني الشذوذ الجنسي من سحاق و لواط إلى غير ذلك.

بعيدا عن المفهوم العامي التقليدي لهذه الظاهرة، كنا قد أشرنا إلى العديد من الدراسات و المقالات التي تناولت أهمية المثلية و التماثل في أدبيات الكثير من الجماعات السرية منذ العهد القديم، و لعل بروزها في بعض المنحوتات و الأعمال الفنية لحضارات مختلفة، خير دليل على هذا البعد العميق و المؤثر لهاته المفاهيم التي قد تكتسي طابعا من القدسية في ثقافة بعض الأقليات.

من وجهة نظر العقيدة الإسلامية، المثلية كممراسة أفضت إلى غضب الله على قوم لوط و سدوم (أتأتون الذكران من العالمين)، و قد كثر الحديث أيضا عن قرية بامباي الإيطالية و ما أصابها نتيجة تقديس الجنس و الزنى بشكل مبالغ فيه ظاهريا و اجتماعيا.

من منظور شخصي محض لا يكلف أحدا، قد تكون بعض الممارسات المثلية أو التماثلية مجرد طقوس لفتح بوابات العبور الأثيرية، و في نفس الوقت، وسيلة لتقرب السحرة و الدجالين من آلهة الظلام في الإتجاه المعاكس (أنتيخريستوس: النمرود و قصر إبليس).

على أرض الميدان، يمكن مقاربة هذا المفهوم بقوانين طبيعية خاصة، قابلة للتفعيل في شروط نظامية معينة، شديدة الأثر و الخطورة، تماما كالقوانين الهرمسية الغامضة.

لهذا قد نلمس حرص بعض الأقليات غريبة الأطوار على تقديس الجنس كمفوم و ممارسة تخرجه من نطاقه البيولوجي البسيط، و تمنحه غطاءا روحانيا مقدسا، يصعب تأطيره بشكل علمي يتماشى مع العقل و المنطق.

حرص الأقليات على تحقيق التوازن بين اليمين و اليسار، بين الشمس و الظل، بين الرجل و المرأة، بين الغنى و الفقر، بين الطول و العرض، ثم بين كل شيء و أي شيء، يثبت بشكل قطعي لا ريب فيه أن هاته الطقوس لم تظهر فجأة، لم تنزل من السماء و لم يصنعها بعض البشر بين ليلة و ضحاها... بل لها امتداد إبيستيمولوجي و ربما عقدي ضارب في التاريخ.

دائما باعتماد مقاربة دراسة الحالات و ربط المسببات بالنواتج، قد نستطيع الجزم بصحة نظرية التأثير الشبحي خارج حقول الميكانيكا.. بعبارة أخرى، قد يكون هناك ترابط جدلي أو دجلي بين طقوس المثلية و التماثل من جهة، و بعض الكوارث التي تظهر على حين غرة هنا و هناك من جهة أخرى.

نتحدث عن تأثير أثيري غير ملموس، تأثير من قلب مصفوفة الأشياء، تأثير بمنطق (سحروا أعين الناس و استرهبوهم، و جاؤوا بسحر عظيم). الفكرة أن هذه الممارسات في جوهرها و تداعياتها، هي أقرب بكثير إلى الميتافيزيقا من عالمنا المادي الملموس.

قد نضطر لاحقا إلى مماثلة و موازنة ما يمكن موازنته من المتلازمات و النواقض المشار إليها في بحوث سابقة حتى إشعار آخر، حفاظا على السلامة العامة و لعدم توفر خيارات بديلة بعد أن دخلنا بشكل غير مقصود إلى البرزخ الممنوع.

هناك العديد من الإجتهادات العلمية التي تعمقت في دراسة و تحليل الباطنيات منذ ظهورها في العصور القديمة، كالهرمسية و الغنوصية و الثيوصوفية... الأكيد أن هذه العلوم الباطنية مهدت لظهور العديد من الحركات السرية حول العالم، والتي كانت تحتكر بعض الأسرار الباطنية في مراحل مختلفة من الحضارة البشرية، بيد أن هاته العلوم السرية باتت في متناول العامية في عصرنا الحالي بفضل نشر البحوث و الدراسات حول هذا الموضوع على مواقع مختلفة في الإنترنت. 

و بالتالي، الأمور ليست بسيطة كما يبدو عليه الأمر، لكل طقس و ممارسة، أصل عقدي عميق و أبعاد استراتيجية شديدة الخطورة، لا يمكن فهمها و الوقوف على تداعياتها إلا من خلال دراسة الظواهر و ربط المسببات بالنواتج، ثم التحليل الملموس للواقع الملموس.