الأحد، 25 أكتوبر 2020

سن الاربعين

 

بقلم خليفة مزضوضي من مراكش 

إن كنت في الأربعين أو اقتربت من الأربعين، أو تجاوزتها بقليل، اعرف أن الأربعين هو العمر الوحيد الذي خصه القرآن بدعاء مميز 

"حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت اليك وإني من المسلمين"

هذا دعاء مؤثر يتضمن الشكر على ما فات والدعاء لما هو آت.


في الأربعين يشعر الواحد منا وكأنه على قمة جبل، ينظر الى السفح الأول فيرى طفولته وشبابه .

ويجد أن مذاقهما لا يزال في أعماقه ، وينظر إلى السفح الآخر فيجد ما تبقى من مراحل عمره ويدرك كم هو قريب منها.


إنه العمر الذي يكون الإنسان قادراً فيه على أن يفهم كل الفئات العمرية ويعايشها ويتحدث بمشاعرها و أفكارها.


في الأربعين نكتشف بياض الشيب قد بدأ على رؤوسنا إن لم يكن قد بدأ سابقا، ويبدأ كذلك ضعف البصر فيقبل كل منا على نظارة القراءة لتصبح جزءاً من محمولاته اليومية .


وفي الأربعين نسمع لأول مرة من ينادينا في الأماكن العامة (تفضل يا عم) .. (تفضلي ياخالة )

ليجد وجوهنا مستغربة للنداء الجديد .


في الأربعين يلتفت لنا من هم في الستين ليقولوا لنا :-

هنيئآلكم مازلتم شباباً ، فيزداد استغرابنا.


في الأربعين تبدأ أزمة منتصف العمر، يبدأ السؤال القاسي :ماذا أنجزت في عملك؟

ماذا أنجزت لأسرتك؟

ماذا أنجزت في حياتك؟

ماذا أنجزت في علاقتك مع ربك؟

فإذا لم ترجع لربك وقد بلغت هذا العمر فمتى ترجع يا بن آدم؟


إنه سؤال يهز القلوب ويشغل التفكير، فالمشكلة أن الأيام تمر أسرع مما نتوقع ، ألم تنظر خلال طفولتك إلى من هم في سن الأربعين على أنهم شبعوا من دنياهم ؟ 

أما اليوم فإننا نرى بأننا لم نحقق الكثير مما وضعناه لأنفسنا ، وأن السنوات تجري بنا ولا تعطينا فرصة لكي نصنع ما نريد .


في الأربعين ندرك القيمة الحقيقية للأشياء الرائعة التي تحيط بنا ، ننظر إلى والدينا إذا كانا موجودين أو إلى أحدهما فنشعر أنهما كنز وعلينا أن نؤدي حقهما ونبر بهما .

 كذلك ننظر إلى أبنائنا فنراهم قد غدوا إخوانا لنا ينافسوننا طولا و عرضا و ينتظرون صحبتنا .

كذلك ننظر إلى الإخوان والأصحاب فنشعر بسرور غامر لوجودهم حولنا، كما ننظر إلى تقصيرنا وأخطائنا فنرى أنها لا تليق بمن هو في الأربعين عمرالحكمة والتوازن و الرصانة و العقل.


في الأربعين يبدأ الحصاد و نشعر حقيقة أننا كنا كمن كان يجري ويجري، واليوم بدأ يخفف من جريه . ويلتفت إلى لوحة النتائج ليقرأ ملامحها الأولية ، وهو يعلم أن النتائج النهائية لم تحسم بعد ، إلا أن التغيير بعد الأربعين ليس بسهولة ما قبلها .

يامن تقرأ كلماتي ✋❤

الله ينور قلبك بالعلم والدين ويشرح صدرك بالهدى واليقين .

🌺🌺🌺

تحية لكل من بلغ او تجاوز الأربعين أو دنا من الأربعين 🌹🌹🌹

الاحزاب السياسية والانتخابات المقبلة 2021

 


بقلم : د خليفة مزضوضي من مراكش

يبدو الانتخابات البرلمانية والجماعية والمهنية بالمغرب المقرر تنظيمها في افق 2021 محطةً حاسمةً في البلاد، مع تخوف الدولة والقوى السياسية من تدني نسبة المشاركة والإقبال على صناديق الاقتراع، لا سيما في ظلّ سياقٍ سياسي دقيقٍ وصعب، يتسم بفقدان المواطن الثقة بالعملية السياسية والانتخابية.
ومع فتح المشاورات بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية، خلال الأسبوع الحالي، إشارة انطلاق التحضير الفعلي لانتخابات 2021، عاد النقاش مجدداً، حول نسبة المشاركة في رابع انتخابات تُجرى في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله . وتمثل هذه الانتخابات امتحاناً صعباً للدولة وللأحزاب السياسية بمختلف أطيافها  و الوانهاا، على اعتبار أن أيّ عزوفٍ عن التوجه إلى صناديق الاقتراع، سيعيد إلى الأذهان سيناريو انتخابات العام 2007 من تدني نسبة المشاركة إلى 37 في المائة، بل سيوجه ضربة موجعة إلى المسار الإصلاحي الذي انتهجه عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس نصره الله وكدالك كافة أطياف الشعب المغربي منذ الربيع العربي، وجعله استثناءً في المنطقة، كما سيطرح علامات استفهام حول من يتحمل مسؤولية ذلك

يسيطر تغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة على الواقع الحزبي في المغرب

وعلى الرغم من أن لا أحد من مصلحته تكرار سيناريو السابع من سبتمبر 2007، في ظلّ التحديات التي تواجه البلد والدولة والأحزاب مجتمعين، إلا أن الواقع السياسي المعاش منذ اعتماد دستور المملكة الجديد في العام 2011، يشير إلى استمرار السلوكيات والأسباب نفسها التي لا تغري الناخبين بالمشاركة، ووجود انعدام الرغبة  و أزمة ثقة في العملية السياسية والانتخابية، كما في القوى السياسية المرتبطة بها

وعلى الرغم مما جاء به الدستور الجديد، والمقتضيات القانونية المنظمة للحياة الحزبية، لم يتمكن الفاعل الحزبي من وضع قطيعة مع الماضي، إذ لا يزال فقدان الثقة من قبل المواطنين قائماً، في ظلّ واقعٍ حزبي يتميز بتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، وعدم القدرة على القيام بالأدوار الدستورية المتمثلة في تأطير المواطنين وتكوينهم سياسياً، ما يجعل الناخب أمام واقع سياسي لا يغري على الإقبال على صناديق الاقتراع، وقبله على التسجيل في اللوائح الانتخابية.
ولعل هذا الواقع هو ما دفع بعض قادة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، إلى مطالبة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، خلال الجولة الأولى لمشاورات الإعداد للانتخابات المقبلة، والتي عُقدت في مارس الماضي، وكذلك خلال الجولة الثانية التي عقدت يوم الأربعاء الماضي في وزارة الداخلية، بالقيام بإجراءات تصالح المغاربة مع السياسة، وذلك تخوفاً من ارتفاع ظاهرة العزوف الانتخابي.
ولئن إمكانية تكرار سيناريو العام 2007 تبقى قائمة، فإن الأحزاب المغربية تجد نفسها، قبل سنة على موعد الانتخابات، أمام تحدي إيجاد مبادرات تدفع المواطنين للإقبال على صناديق الاقتراع.
بالفعل “هناك اليوم فراغاً وهوة حقيقية بين المواطن والشأن السياسي، إلى حدّ أن المجتمع يبدو في وادٍ، والفضاء المؤسساتي والسياسي والحزبي في وادٍ آخر”. إلى أنه “في ظلّ هذا الوضع، لا يمكن مباشرة النقاش حول الانتخابات، من دون مناقشة أزمة الثقة الموجودة في المجتمع، ومن دون أن نرى ماهية الإجراءات التي من شأنها أن تفضي إلى انفراج سياسي ومصالحة بين الشأن السياسي وبين المواطن”.
لأن من المبادرات التي يمكن أن تساهم في تلافي شبح العزوف الانتخابي، هي خلق جوٍّ سياسي جديد، من خلال إحداث انفراج في بعض النزاعات الاجتماعية، وتجاوزها  هنا وكما أشير هنا إلى انعدام الدور الفعال المنوط بكل الأحزاب السياسية إلى أن الأحزاب السياسية مطلوب منها أن تكون حاضرةً بكل استقلالية، وأن تملأ الساحة وتفيق من سباتها، وتعيد النظر في أساليبها، وكذلك أن تفتح أبوابها للجديد وتجد صيغاً للانغماس أكثر في المجتمع.
كما أن المشاركة المكثفة المأمولة للمواطنين والمواطنات في الانتخابات، تواجه تحديات حقيقية يتعين استيعابها ورفعها، في ظلّ النقص الكبير في الثقة داخل المجتمع وتواضع درجة المصالحة مع السياسة، الا أن الأحزاب واعٍية لهذا التحدي ولجدية الموضوع، ويُمعن النظر باستمرار داخل مؤسساتها من أجل فرز المبادرات الكفيلة بمواجهة تحدي المشاركة المواطنة. لان المبادرات المطلوبة هي التعريف أكثر بالنموذج الديمقراطي والتنموي الوطني، وما يشكله من استثناء في السياق الإقليمي والدولي، مع اعتبار النقص والتحديات التي تواجهه، وبناء خطاب تواصلي وانتخابي إقناعي بجودة حصيلة الحزب في تدبير الشأن العام وطنياً ومحلياً، على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ومن بين المبادرات المطلوبة كذلك لمواجهة تحدي العزوف، تعزيز العرض السياسي للحزب القائم على قيم الشفافية والنزاهة والكفاءة في أداء الوزراء والبرلمانيين والمنتخبين المحليين، وعلى استدامة علاقة القرب مع المواطنات والمواطنين بتكثيف آليات التواصل والتأطير والترافع عن قضاياهم، ومواصلة الحزب لمبادراته التواصلية مع المواطنين القائمة على القرب والإنصات والترافع،

أن الوضع الحالي يقتضي تعزيز النموذج الحزبي بتقديم المرشحين الأكفاء والنزهاء للانتخابات المقبلة، والعمل إلى جانب باقي الفرقاء على تطوير التشريع الانتخابي الوطني للحد من الفساد الانتخابي وتوسيع المشاركة المواطنة، خصوصاً مشاركة مغاربة العالم. ويأتي ذلك فضلاً عن التعاون مع الأحزاب السياسية الوطنية من أجل بلورة تعاقد جديد كفيل بإحاطة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة بكل الضمانات الكفيلة بربح رهاناتها وتمنيع النموذج الانتخابي المغربي. والتشديد على “ضرورة أن تتحمل كافة الأحزاب السياسية مسؤولياتها، كلها في خندق واحد، من أجل تقديم عرض يزرع الثقة وينمي الأمل، فالحل لدى الاحزاب وفي أيديهم وليس في مكان آخر”.
كما على الحكومة والأحزاب مصالحة المواطن مع السياسة وخلق مؤسسات وقنوات للتنشئة السياسية، وكذلك المصالحة مع المجتمع الذي يحتاج إلى مخرج لمشاكله الاجتماعية. وهنا اشير إلى أن الأحزاب ابتعدت عن وظائفها وأصبحت لا تراعي المواطن، وتعمل في دائرة ضيقة لخدمة مصالح ذاتية على أساس الزبونية و أن هاجس العزوف قائم بقوة، وهو ما يعكسه ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي من أفكار ودعوات تسير في هذا الاتجاه، وتخوفي من أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة أقل بكثير من نسبة المشاركة في انتخابات 2007