السبت، 27 يونيو 2020

واجبنا نحو العلم والعلماء

بقلم : خليفة مزضوضي
 العلم من أهمّ الأمور التي تتسبب في إحداث السعادة للبشر، فكلما تقدم العلم تحسنت أوضاع الناس الصحيّة، والاقتصاديّة، والتعليميّة، وغيرها، هذا عدا ما يحدثه العلم في نفس الإنسان من ثقة بالنفس، وتقوية للمهارات المختلفة، فالعلم هو نبراس التقدم،

العلم هو تراكم الجهود والخبرات المختلفة التي بذلها أشخاصٌ أفنوا حيواتهم في سبيل تحصيلها، وهم من يطلق عليهم العلماء، فالعلماء هم ركيزةٌ أساسيّةٌ من ركائز النهضة لدى الأمم، التي ترغب بشكلٍ جاد في أن تنتقل إلى مراتب الحياة الأفضل، وأن تجلب الراحة لنفسها، وتخلّصها من كافّة الأمراض الاجتماعيّة والثقافيّة، وغيرها التي لا تحمد عقباها. وفيما يلي نبين بعض أبرز الواجبات المنوطة بكافة الجهات على اختلافها نحو العلم، والعلماء على حدٍّ سواء.
واجبنا نحو العلم
فيما يلي بعض الخطوات لتشجيع تعلم العلوم:
تشجيع الناس على التعلّم، وتحبيب العلم إليهم، ويكون ذلك من خلال المؤسسات المعنيّة، والأسرة، والمدرسة، وقادة الرأي، والنخب المجتمعيّة، وغيرهم من الحريصين على إحداث نهضةٍ علميّةٍ حقيقيّةٍ.
 فتح المراكز العلمية المختصة، واحترام كلّ ما يصدر عنها من بحوثٍ، ودراساتٍ، ومنشوراتٍ، ونتائجَ، فمثل هذه المؤسسات هي النواة الحقيقيّة للتطوّر والارتقاء.
تدريس المواد العلمية بطرق جذابة، ومسلّية، والابتعاد عن تقديمها للمتعلمين بالطرق الجامدة التقليديّة التي تنفرهم منها، وتتسبب لهم بحالة من الملل.
إقامة المتاحف، والفعاليّات العلميّة المتخصّصة التي تناسب مختلف الأعمار، ودمجها بالتسلية والمتعة، وتخصيص جزءٍ منها لعرض تاريخ تطوّر العلوم ونهضتها مع الزمن.
 توعية الناس بمخاطر التقليل من شأن العلوم، لصالح الخرافات التي لا أصل لها، والتي تستنزف أوقات السذج، الذين يؤمنون بها، ويتبعونها لحلّ مشكلاتهم.
تقديم الدعم الماليّ للطلبة الموهوبين الذين لا يجدون ما يستطيعون به إكمال دراستهم، فهذا يفيد العلم، والعلماء في آنٍ واحدٍ.
 العلم من أهمّ الأمور التي تتسبب في إحداث السعادة للبشر، فكلما تقدم العلم تحسنت أوضاع الناس الصحيّة، والاقتصاديّة، والتعليميّة، وغيرها، هذا عدا ما يحدثه العلم في نفس الإنسان من ثقة بالنفس، وتقوية للمهارات المختلفة، فالعلم هو نبراس التقدم،

العلم هو تراكم الجهود والخبرات المختلفة التي بذلها أشخاصٌ أفنوا حيواتهم في سبيل تحصيلها، وهم من يطلق عليهم العلماء، فالعلماء هم ركيزةٌ أساسيّةٌ من ركائز النهضة لدى الأمم، التي ترغب بشكلٍ جاد في أن تنتقل إلى مراتب الحياة الأفضل، وأن تجلب الراحة لنفسها، وتخلّصها من كافّة الأمراض الاجتماعيّة والثقافيّة، وغيرها التي لا تحمد عقباها. وفيما يلي نبين بعض أبرز الواجبات المنوطة بكافة الجهات على اختلافها نحو العلم، والعلماء على حدٍّ سواء.
واجبنا نحو العلم
فيما يلي بعض الخطوات لتشجيع تعلم العلوم:
تشجيع الناس على التعلّم، وتحبيب العلم إليهم، ويكون ذلك من خلال المؤسسات المعنيّة، والأسرة، والمدرسة، وقادة الرأي، والنخب المجتمعيّة، وغيرهم من الحريصين على إحداث نهضةٍ علميّةٍ حقيقيّةٍ.
 فتح المراكز العلمية المختصة، واحترام كلّ ما يصدر عنها من بحوثٍ، ودراساتٍ، ومنشوراتٍ، ونتائجَ، فمثل هذه المؤسسات هي النواة الحقيقيّة للتطوّر والارتقاء.
تدريس المواد العلمية بطرق جذابة، ومسلّية، والابتعاد عن تقديمها للمتعلمين بالطرق الجامدة التقليديّة التي تنفرهم منها، وتتسبب لهم بحالة من الملل.
إقامة المتاحف، والفعاليّات العلميّة المتخصّصة التي تناسب مختلف الأعمار، ودمجها بالتسلية والمتعة، وتخصيص جزءٍ منها لعرض تاريخ تطوّر العلوم ونهضتها مع الزمن.
 توعية الناس بمخاطر التقليل من شأن العلوم، لصالح الخرافات التي لا أصل لها، والتي تستنزف أوقات السذج، الذين يؤمنون بها، ويتبعونها لحلّ مشكلاتهم.
تقديم الدعم الماليّ للطلبة الموهوبين الذين لا يجدون ما يستطيعون به إكمال دراستهم، فهذا يفيد العلم، والعلماء في آنٍ واحدٍ.
واجبنا نحو العلماء
رفع قيمة العلم في نظر طلابه يستلزم منا بعض الواجبات تجاه العلماء ومنها:
 تقديرهم، وإنزالهم منازلهم التي يستحقونها، فالعالم يبذل الغالي والنفيس في سبيل علمه، وفي سبيل تقديم الفائدة للآخرين، ومن هنا فإن الواجب نحوم يجب أن يكون ضعف أيّ واجب تجاه أيّ إنسانٍ آخر.
تقديم كلّ ما يحتاجونه من دعمٍ ماديٍّ، ومعنويٍّ حتى يستطيعوا الاستمرار في مسيرة البذل، والعطاء التي بدأوها، فدون هذين الدعمين لن يكون بمقدورهم إخراج إبداعاتهم بالشكل المطلوب.
 تعريف الناس بهم، وجعلهم أيقونات حقيقية في مجتمعاتهم، فالناس جميعهم يجب أن يعرفوا فضل علمائهم عليهم مهما كانت تخصصاتهم؛ نظراً لكونهم أصحاب فضلٍ حقيقيٍّ، وليس وهميٍّ كغيرهم. وفي هذا السياق، فإنّه من الضروريّ تبني عقد ندوات، ومحاضرات لهم، وبشكلٍ مستمرٍّ حتى يتسنى للناس أن ينهلوا من علومهم، ولو الشيء القليل.

رفع قيمة العلم في نظر طلابه يستلزم منا بعض الواجبات تجاه العلماء ومنها:
 تقديرهم، وإنزالهم منازلهم التي يستحقونها، فالعالم يبذل الغالي والنفيس في سبيل علمه، وفي سبيل تقديم الفائدة للآخرين، ومن هنا فإن الواجب نحوم يجب أن يكون ضعف أيّ واجب تجاه أيّ إنسانٍ آخر.
تقديم كلّ ما يحتاجونه من دعمٍ ماديٍّ، ومعنويٍّ حتى يستطيعوا الاستمرار في مسيرة البذل، والعطاء التي بدأوها، فدون هذين الدعمين لن يكون بمقدورهم إخراج إبداعاتهم بالشكل المطلوب.
 تعريف الناس بهم، وجعلهم أيقونات حقيقية في مجتمعاتهم، فالناس جميعهم يجب أن يعرفوا فضل علمائهم عليهم مهما كانت تخصصاتهم؛ نظراً لكونهم أصحاب فضلٍ حقيقيٍّ، وليس وهميٍّ كغيرهم. وفي هذا السياق، فإنّه من الضروريّ تبني عقد ندوات، ومحاضرات لهم، وبشكلٍ مستمرٍّ حتى يتسنى للناس أن ينهلوا من علومهم، ولو الشيء القليل.

دورالعِلم والعلماء في حياة الإنسان

بقلم : خليفة مزضوضي

دورالعِلم والعلماء في حياة الإنسان
العِلم هو عبارة عن مجموعة من النظريات والخبرات والمهارات المرتبطة بموضوع محدد، فلكلّ علمٍ المجال الذي يتخصّص به، ونظرياته الخاصة، وأهدافه المحددة، وأسلوبه، وقوانينه، فمثلاً هناك علم الطبيعة، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، وغيرهم من العلوم التي يحمل كل منها صفاته الخاصة به، ويمكن القول أنّ العلم بشكل عام محايد، فلا ينحاز لرأي فرد أو لرأي الأغلبية، وإنما يحتاج إلى دليل علمي صحيح يُظهر الحقيقة، وهو موضوعي؛ فلا يتأثر بالشخص الباحث فيه، كما أنّه دقيق ويعتني بجميع التفاصيل ولا يُهمل أحدها، وهو تراكمي؛ حيثُ يضيف المعلومات الجديدة الصحيحة إلى المعلومات القديمة والصحيحة أيضاً.

ومن أهم ما يميّز العلم أنّه يتطوّر مع الاكتشافات الجديدة ويصحّح نفسه تلقائياً، ويعتمد العلم في منهجه على الملاحظة والفحص والتجريب، ثم يتم تصنيف النتائج ومقارنتها مع بعضها البعض، والجدير بالذّكر أنّ العالِم الذي يدرُس ظاهرة ما يضع فرضيات لتفسيرها، فإذا ثبتت صحّتها تصبح ضمن القوانين والنظريات، ويمكن لهذه النظريات أن تفسّر العديد من المشكلات والظواهر المختلفة، كما من شأنها أن تيسّر سبل الحياة إذا ما تم توظيفها بالطرق الصحيحة، أما العلماء فهم المختصون الذي يعملون جاهدين لتوظيف العلم في خدمة الإنسانية، فمن العلم ما يُعمِّر ويُطوِّر، ومنه ما يُدمِّر ويُفسد، ويعود ذلك إلى طريقة استخدامه، فالعلم الذي يجب أن يسعى إليه العالِم هو ما ينفع الناس استناداً إلى قول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: (اللهمَّ إني أسألُك علمًا نافعًا).
أهمية العلم والعلماء
يُعدّ العلم ضرورة من ضرورات الحياة كالمأكل والمشرب وغيرها من الأمور، وهوعمودٌ من أعمدة بناء الأمم وتقدُّمها؛ حيث يقضي العلم على التخلف والرجعية، كما يقضي على الفقر والجهل، وغيرها من الأمور التي من شأنها أن تؤخّر الأمم، ويساهم العلم في إنتاج وسائل تساعد الإنسان على مواكبة مختلف تطورات الحياة، كما من شأنه أن يصنع مستقبلاً مُشرِقَاً للفرد ولأفراد عائلته، بالإضافة إلى توفير المعيشة الكريمة والحياة الراقية، وبالعلم يستطيع الإنسان أن يواجه المشكلات التي يقع فيها، وأن يكسر مختلف الحواجز التي تواجهه وتقف في طريقه، كما يستطيع بالعلم أن يعرف حقوقه وواجباته في المجتمع. والعلم هو إرث الانبياء، والعلماء هم ورثتهم، ويعد العلم خير سلاح يمتلكه الفرد للصمود في وجه الأعداء، ومن فضله أنّ صاحبه ينجو من الخديعة، كما أنّه يحرس صاحبه ويبقى معه حتى مماته، والجدير بالذكر أنّ العلم لا يفنى، وإنما يبقى ما بقيت الأمم ويتطوّر، كما من شأنه تقريب المسافات البعيدة،أما دور العلماء في المجتمع فيكمُن في إيجاد الحلول للعديد من المشاكل التي يواجهها الأفراد، فعلى صعيد التعليم وتطوير شخصيات الأفراد، فقد ساهم العلماء في معرفة طرق التفكير المختلفة والتي تساعد في حلّ مختلف المشكلات، كما ساهموا في تعليم الطلاب أساليب تعلم جديدة تُمكّنهم من التفوّق دراسياً، وقد توصل العلماء إلى طرق للتغلب على الاكتئاب، والقلق، والصدمات، ومختلف أنواع الإدمان، كما ساعدوا في معرفة طرق تكوين علاقات اجتماعية بشكل أفضل؛ ممّا أسهم في تمتُّع الأفراد بحياة أفضل، وقد قدم العلماء حلولاً كثيرة ومتطوّرة لعلاج العديد من الأمراض، كما قدّموا حلولاً سهّلت حياة الأفراد وعملت على تطويرها


أهمية العلم والعلماء في الإسلام
العلم هو النور الذي يُخرج الناس من الظلمات، وهو الوسيلة لبناء المجتمع والارتقاء به، كما أنّ فوائد العلم وأهميته لا تنحصر فقط في أمور الفرد الحياتية وفي صناعة التقدّم للأمم، إنّما للعلم فوائد عديدة في الإسلام، فقد حث الرسول عليه الصلاة والسلام على العلم لما له من نفع في الدارين الدنيا والآخرة، فهو يرفع من شأن المؤمن عند الله وعند الناس، وقد نبّه الرسول عليه الصلاة والسلام من ضياع العلم وأكّد على أهميته؛ حيثُ إنّ ضياعه يعني ضياع الأمم، ويعد العلم نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى التي أنعم بها على عباده، ففيه الخير والهداية والرفعة والبركة، ولأهمّيّة العلم افتتح الله سبحانه وتعالى كتابه العزيز به، فكان أول ما نزل على الرسول الكريم قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ). وبالنظر إلى المجتمعات التي ينتشر فيها العلم، فإنّه يُلاحَظ أنّها مجتمعات مرموقة ومتطوّرة، وتعامل الأفراد فيها بين بعضهم البعض، كما تسود فيها الراحة والطمأنينة، في حين نرى المجتمع الذي ينتشر فيه الجهل مُجتَمِعاً يكثر فيه الاضطراب والكراهية بين أفراده، ولأهمية العلم منح الله تعالى لمكتسبيه (العلماء) مكانة مرموقة، ورفع من قدرهم في الدارَين، ومنحهم مكانةً عظيمة في كتابه الكريم، ومن الآيات التي كرّم الله بها العلماء عن غيرهم قوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)، فالعلماء هم ورثة الانبياء، ولا بد من احترامهم وتوقيرهم كما كان يفعل الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه، كما يجب طلب العلم والتعلُّم على أيديهم، والتأدُّب معهم وبينهم.

مجالات العلم 
يمكن تقسيم مجالات العلم إلى أربعة مجالات رئيسية، وهي:
 مجال العلوم الطبيعية: ويختص بدراسة الجوامد وأصولها، ومن الأمثلة على العلوم الطبيعية: علم الفيزياء، وعلم الكيمياء، وعلم الفلك، ومن الأمثلة على العلماء الذين برعوا في مجال الفيزياء: الحسن بن الهيثم، والبيروني، وأبو يوسف الكندي، ونصر الدين الطوسي، أما من برع في مجال الكيمياء: جابر بن حيان وأبو بكر الرازي. مجال الرياضيات والمنطق: ويعد الرياضيات الأساس لمختلف العلوم؛ حيثُ تمكن العلماء الآخرون عن طريقه من صياغة نتائج أبحاثهم بدقة، كما قدّموا توقُّعات رقمية عمّا يمكن أن يحدث مستقبلاً، أما المنطق فيوفّر تفسيراً صحيحاً لمختلف الأمور العلمية. مجال العلوم الاجتماعية: ويهتم هذا العلم بدراسة المجتمعات الإنسانية، وتطوير السلوك الإنساني، ومن أهم مجالاته علم النفس الذي يعمل على دراسة سلوك الإنسان وعملياته الذهنية، وعلم الإنسان الذي يدرس أصل الحضارات الإنسانية ومراحل تطورها، وعلم الاجتماع الذي يهتم بدراسة العلاقات بين الأفراد، كما يبحث في قضايا اجتماعية أخرى؛ كالجرائم، والفقر، وأمور الطلاق، وغيرها من الأمور الاجتماعية الأخرى. مجال علوم الحياة: ويشتمل على علم النبات وعلم الحيوان، ويُعنى بشكل عام بدراسة الكائنات الحية، ومن أشهر كتاب وباحثين علم النبات ابن البيطار والأنطاكي، أما أشهر من بحث وكتب في علم الحيوان الجاحظ والقزويني.

الجمعة، 19 يونيو 2020

"كورونا" سيمضي ونحن من يبقى

خليفة مزضوضي

ليس الكاتب والمثقف بمعزل عما يحدث هذه الأيام مع إنتشار فايروس كورونا في مختلف الأقطار، وللوقف عند تجليات عزلة كورونا على المثقف، وهل ثمة دور له في هذه الأزمة،؟ لهدا رصدت  أراء بعض المثقفين من مختلف الدول العربية وهم في الحجر المنزلي على غرار العراق، تونس، المغرب والكويت وحتى بكندا واسبانيا، حيث اجتمعت كلمتهم على الوقوف عندأبعاد أزمة كورونا على الثقافة والمثقفين، والدور الذي يمكن أن تلعبه في تغيير الكثير من المفاهيم  حول ما يحدث اليوم، مؤكدين أنه حان الوقت ليستنهظ المثقف همته ليشد على أيدي مواطنيه  بدل أن يرثيهم في قصائد تأبينية أو يصف الكارثة في رواية ما  وفيما يلي اراء وملاحظات بعض المثقفين والفنانين من مختلف العالم العربي 
1 أعتقد أن أضعف الوسائل اليوم أمام وحش كاسر مثل "فيروس كورونا" يبطش بنا دون خشية ودون أي تنبيه، هي وسيلة المثقف.
ما نحتاجه لدور أكبر وأكثر قوة من الكلمة، دور العلم والأطباء، لذلك يصبح المثقف والثقافة بالدور الأخير في هذه المعركة الضارية.
ولكن لنقف قليلاً هنا... حتى هذا الدور الصغير أو غير المقنع في هذه الحالة مهم وضروري لسبب بسيط، هو أن البشرية تحتاج لكاتب ومدون عنها وعن أحوالها، وبالتالي المنبه عنها وعن دورها وأزمنتها التي تعيش فيها.
المثقف يمكن أن يكون دوره كبيراً أو صغيراً حسب ما يقوم به، ولكن حالة التذكير والصمود والرغبة بالعيش وتمجيد الجمال والحياة، يحتاج لأدوات الثقافة كي تعبر عنه وتدونه.
أعرف أنه الخط الأخير المخصص لنا في هذا السباق الماراثوني، ولكنه خط للتأني بالمعاينة وقراءة ما بين السطور وبالتالي العمل فيها وعليها.
أن أية تدوينة وكتابة في أي من مجالات الأدب والفن عامة، ستخلد ذكر البشر في معاركها العديدة ومعركة فيروس الكورونا أشدها وأكثرها وقعاً في زمننا الحاضر ونحن نراقب من خلف أبوب حصارنا من سيقع في اللحظة القادمة ومنْ سينتصر في النهاية.
مدوناتنا ستكون نافعة، وحتماً ستقفز الخطوط وقد تصل لتكون في الخط الأولى مثل كل الأشياء النافعة، لأنها ستذكر البشرية القادمة بما مررنا به وما جرى لنا.
المثقف بكلمته وكتاباته وتصوراته يشارك ببناء بقعة التحصن والفوز الأكبر أيضاً.
الكلمة مفتاح التألق من ضمن مفاتيح عديدة، كلها تصب في مجرى استرجاع الألق وعشق الحياة.
2  للمرة الأولى منذ فترةٍ طويلة يقع العالم أمام أزمةٍ و مصيرٍ واحد ، و لم يسبق للفئة التي يطلق عليها اسم " المثقفون " أن وقعوا في اختبارٍ إنسانيٍّ عام يوجهونَ بهِ رسالة مؤثرة إلى الجماهير بكافة مستوياتها و أنواعها و التي قد تضم مثقفينَ لا نوافذ و لا منابر لهم .. ؛ رسالة إنسانية لا تنتمي إلى جهةٍ و لا توجهٍ محدد .
كل ما يرتبط بالوعي في هذه المرحلة مهمٌّ جدا ، حيث يقدم المثقف ما يعزز دور و عمل المؤسسات المختلفة في مواجهة الوباء من خلال لغته و حضوره لدى الناس ، بالإضافة إلى نقد كل ما يتعارض مع المسؤولية الأخلاقية لدى كل فرد تجاه الآخرين ، و تنبيه الجماهير إلى البسطاء و المحتاجين الذينَ تأثرت أوضاعهم بهذه الأزمة مع ربط كل الصور التي كتبت أو رسمت عنهم سابقاً بالفعل الحقيقي على الأرض .
أيضاً المثقف في النهاية هو ابن الحياةِ العامة و سلوكهُ المنقول عبر مواقع التواصل و الصفحات الشخصية من المفترض أن يكون صورة نموذجية تعكس ما يجب أن يكون عليه الجميع في هذه الظروف.
3 تحوّلت الكرة الأرضية الى سجن كبير بفعل الحاكم ( كورونا ) الوباء العالميّ الذي بدأ من الصين ونشط فيها ليتحول منتشراً يسري الى بلدان العالم ليفرض سطوته على الشعوب ، إنّه الفايروس الجديد الذي  يهدّد النّاس ، والمرض الفتّاك الخطير الّذي لا دواء له إلا بالإحتياط منه وتجنبه بفعل البقاء  في المنزل وإتباع الإرشادات الصحيّة وحملات التّوعية التي تطلقها السلطات ، وفي العراق نعيش أياماً من الحظر مقرونة بالخطر الممزوج بالقلق عبر متابعة قنوات التلفاز والبحث في مواقع التواصل الإجتماعي ، لنشهد مدنناً وعواصم عالميةً  في حالة الحجر الصحي وغالبيتها تحولت الى مدن أشباح ،
 إنّ العالم اليوم يعيش  ظاهرة  تستدعي التعامل معها بكثير من التأمل والحكمة والتحلّي بروح الصبر وتحمل المسؤولية والإنصات لذوي التخصص بواقعية  وفي خضم هذا الحدث كان لدور المثقفين والمفكرين كل حسب طاقته وجمال تخصصه الدّور الأبرز في مواجهة التحدّيات وتنشيط دورهم التنويري الفاعل في تشخيص المشكلات وبذل الجهود النيّرة في سبيل إيجاد الحلول الناجعة .
كنت أعتقد منذ زمن بما يصوّره لي الغرب أنّه عالم مثقف مليء بالمبادئ الإنسانية من خلال شواهد عديدة يسوّقها لنا الغربيون وكأنّهم إنسانيون أكثر من كل العالم من خلال تسويقهم لنا بعض الشواهد كاهتمامهم بالحيوان وإنشاء مؤسسات ضخمة تعنى بالرّفق بالحيوان ومن خلال توفير فرص عمل للعاطلين عن العمل ولكن كلّ ذلك في وقت الرفاه فكنت أعتقد أنّ الإسلام تطبيقاً  هو في بلدانهم وتشريعاً في بلداننا وعندما حمي الوطيس واِصْطَكَّت الأسنّة واشتدّ البلاء بظهورعارضٍ مرضيٍّ هزّ العالم من أقصى الأرض الى أدناها ظهرت الحقائق و انكشفت الخفايا ليتجسد الإسلام تطبيقاً عند أهله من أصحاب ( لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ) ، فرأينا تطبيق حديث رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : " ارحَموا مَن في الأرضِ يَرحَمْكُم مَن في السَّماءِ ".
فرأينا التراحم والتكافل الإجتماعي تطبيقاً على أرض العراق بلد الأنبياء والأئمة بلد علي بن أبي طالب الّذي كان أشدّهم اهتماماً بالنسبة الى المساكين وذوي الحاجة ، ، هذا هو مشهد المسلمين في زمن الكورونا فأين دول الرفق بالحيوان فنلاحظ أنّ هذه الدّول لم يتجسد رفقها بالإنسان ، إذن أهتمامهم بالحيوان لم يأتِ إلاّ عن غريزة ذاتية من باب اللهو بالحيوان لكي يسعدهم وليس حقيقة الرفق به ، وهنا نتساءل هل سيصبح العالم ما بعد كورونا عالماً متصالحاً خالياً من الحروب والدمار والأوبئة والتلوث ؟ ، أعتقد أنّ العالم لن يكون ما بعد الوباء كما قبله ، وسنرى تغييرات على صعيد الأفراد والمؤسسات وتحوّلاً كبيراً في الكثير من السياسات وستتأثر العديد من المعتقدات وتتغير العديد من المفاهيم .
4 بالنسبة لي .. أرى أن المثقف العربي دائما يغرد خارج السرب  و ليس له تأثير في مجتمعه  إلا نزر قليل من حملة المشاريع الكبرى مثل محمد أركون و محمد عابد الجابري و ادونيس  و علي حرب  و غيرهم .. منهم من  لا يزال يناضل بقلمه ليؤثر في تغيير المجتمع و عيا و سلوكا  و منهم من انتقل الى ذمة الله تعالى
أما في ما يخص الوضع الراهن الذي فرضته جائحة كورونا covid19فقد آثر مثقفونا على أنفسهم أن ينتهجوا نفس سلوك العوام  في تناول المصيبة شعرا و نثرا .. سخرية و ترهيبا
إذ المثقف بما أنه كائن تستوفى فيه شروط النخبة الفكرية كان لزاما عليه توعية المجتمع و استعمال كل مهاراته اللغوية و الأدبية في بيان ما يجب أن يكون لا ما يفترض أو يحتمل ان يكون
لم يعد هناك مكان او وقت للتنظير و التأسيس  للفكر .. فالوقت ينفذ منا و الموت في كل مكان و انتكاسات الإقتصاد و الأخلاق و انهيار الدول على وشك الحدوث
فليكن المثقف هنا و الآن مع الإنساني فينا و ليستنهظ همته ليشد على أيدي مواطنيه  بدل أن يرثيهم في قصائد تأبينية او يصف الكارثة في رواية ما 
5 المثقف والمبدع إنسان متفاعل في طبيعته مع محيطه ربما بحساسية أكثر من غيره، خاصة وهو يرى التفاصيل والهامش بطبيعة أخرى تجعله يكسبها معاني مختلفة وخيالا جديدا منبعثا من وعيه الخاص بحسب تراكماته الفكرية والثقافية والإنسانية.
ان موضوع فايروس كورونا دفعنا  مراجعة أفكارنا، ومنها الثقافية والفكرية. وجعلنا  نتأكد أن العالم قرية صغيرة، فلا الحدود منعت تفشي الوباء.
دور المثقف  في ظل هذه الأزمة ان يخرج عن كتابة النصائح، ودعوة الناس بالتزام منازلهم، وترجمة التقارير الواردة من الخارج واطلاع الناس عليها، فضلا عن السخرية من الواقع واللحظة والفيروس نفسه. أما عن مساحة وفرص الإبداع أو إمكانياته فلا أظن أن الوقت ولا اللحظة تحتمل وجود مثل هذا البراح، فالتعبير عن لحظة أو واقعة ما يحتاج لكثير من الوقت لتأملها وفهمها، والتعمق فيها، من هنا لا أظن أن أي عمل إبداعي حول وباء الآن سيكون قادراعلى التغلغل في أغوار النفس البشرية
6 عند الجلوس في المنزل لفترات طويلة تكتشف أشياء كثيرة في نفسك وفي منزلك وفي الناس التي تشاركهم هذا المكعب، تكتشف تصالحهم، غضبهم، تقصيرك، وشدة اهتمامك، تُصلح الأعطال المنزلية، تصون ما يمكن صيانته، تبدل الأضواء المحترقة، تغير مكان الأثاث، تهتم بسيارتك، تشذب زروع الحديقة، تختلقُ عراكاًً خفيفاً، تقدم أعذاراً، تخلق نذوراً للخالقِ إذا ما ترك من تحب وشأنهم، ترتب المهمل، تفتح المنسي، تنفض الغبار، تبحث عن أسباب الدهشة، تتذكر التفاهات، ترمق الماضي بنظرات الخيبة، وتتحسر على ما سيأتي، يختال أمامك ظِل الأصدقاء، ضحكاتهم، وإهمالك لكلامهم عمداً حتى لا تجد ما يشغلك أكثر، تفتح الشمس في عين الشباك، ترتب أبجدياتٍ للفرح كنت أهملتها، تعيد ترتيب نفسك إثر الاستماع لمحاضرةٍ تُعنى بعلم النفس، وتسعى وتبحث وتحاول... لكن لا شيء يتجاوز فعل المحاولة.
7 هذه الجائحة التي يمر بها العالم لم ير مثيلا لها من قبل, فالكون كله أصبح عبارة عن قرية صغيرة أجبر سكانها على ملازمة بيوتهم خوفا من هذا الوباء الذي اقترن اسمه بالموت بالرغم من حجمه الذي لا يرى حتى بالمجهر الدقيق.
هذا الوباء الذي عجزت الدول العظمى على التصدي له و محاربته بالرغم مما تمتلكه من ترسانة حربية و تكنولوجيا حديثة يفتخر بها إنسان القرن الحالي. وحتى لو فرضنا ما يشاع من حرب بيولوجية بين أمريكا والصين وانفلات زمام السيطرة على هذا الفيروس, فإن هناك قوة عظمى قاهرة لا يعرفها إلا من كان إيمانه قوي بالله و المثقف الحقيقي هو من يدرك بعلمه وثقافته و تفتحه بأن هناك رب يسير هذا الكون و يفعل فيه ما يريد و ليس البشر.
و لسائل أن يسأل ما علاقة الإيمان بدور المثقف في مثل هذا الظرف الصعب على الأمة و خاصة أصحاب القلوب الضعيفة, فعلى سبيل المثال نرى في حالات الحرب والأوبئة عدد المرضى النفسيين و المختلين يكثر كذلك عدد الانتحار وهذا راجع إلى فراغ الجانب الروحي والعلمي لدى هذه الفئة التي طغت عليها المادة وبالتالي تجد نفسها في دوامة مغلقة من التشاؤم والخوف فتلجأ إلى الانتحار أو فقدان العقل.
فدور المثقف العربي في إرشاد و زرع الأمل بالإيمان والحفاظ على النفس ثم إعطاء البديل في هاته الفترة الصعبة التي يجد فيها الإنسان نفسه سجين بين أربع حيطان و لمدة لا يعرف متى نهايتها, فيصبح المنزل فضاء يقوم فيه الإنسان بكل نشاطاته التي يحبها و لم يكن يجد لها الوقت الكافي. فمثلا و من منطلق اختصاصي كفنان تشكيلي و أستاذ وجدت الحل مع تلاميذي و أصدقائي في التواصل عبر الفيس بوك نرسم اللوحات كل من مكانه ونتحاور و نبدي الملاحظات و الآراء و بالتالي ينشغل التلميذ بالرسم و قد زال من ذهنه ذاك الخوف من المرض والمستقبل و الموت و ترك كل ذلك لخالق الكون و مدبره. وبما أن الإنسان يتأقلم بطبعه مع كل الظروف التي يعيشها و يمر بها وبما أن دوام الحال من المحال  فإنه سيمر بهذا الظرف الصعب و يأتي ظرف آخر مغاير نرجوا أن يكون خيرا مما كان.
وقبل أن أختم أود أن أنوه بدور المثقفين في ميادين أخرى كالطب و المهندسين و كذلك السياسيين الذين وجدوا أنفسهم أمام معضلة كبرى دون مساعد من الدول العظمى التي انشغلت بالدمار الذي لحقها جراء هذا الفيروس فكان الإبداع و الاختراع و حسن التصرف , فقادت هاته الفئة المثقفة شعوبها إلى بر الأمان.
8 ظهرت لنا (كورونا) لتغير لا معادلة السياسة في بلدنا المُستلب، بل لتغير معادلة الحياة في "الما قبل" و "الما بعد"، فما قبل زمن (الكورونا) حياة، و "ما بعدها" توقع لحياة فيها التحدي أكبر من توقعات أهل الغرب الذين يحسبون الحياة فلسفة وعلماً بحساب رياضي يُحاولون فيه تجنب الوقوع في "الزلل"، ومحاولة تدارك الحال قبل (وقوع الفاس بالراس) كما يقول المثل الشعبي، ولكن (كورونا) قلبت موازين التوقع وخرقت أفقه عند الأمم "العالمة"، رغم عدم يأسهم في العمل على ايجاد مضاد وعلاج للخلاص منها، ولكن تكلفتها كانت ولا زالت باهضة الثمن في خسارة الإنسان والمال.
"قتلتنا الردة"، وأقول قولاً مقابلاً لها "قتلتنا الكورونا" و حطمت كبرياؤنا نحن بني البشر، ألا يكفينا أن نمج غرورنا حينما نجد كائناً صغيراً لا تراه العين المُجردة يخترق حياتنا ويُهدد اقتصادنا وتاريخ وجودنا، بل يُهدد مُسقبلنا.
ولكن مع ذلك لم ييأس المثقف ولم يرتكن لهذا التهديد، فقد شارك العديد من الشعراء والكتاب وهم في بيوتهم فبعضهم قرأ الشعر وآخر قرأ نصا ابداعيا جماليا في النثر على منصات التواصل الاجتماعي ببث مباشر وتفاعل معه متابعوه.
أما في التعليم فنجد المعلم والأستاذ الجامعي شارك طلابه التدريس ومواصلة العطاء الثقافي والعلمي، فالعديد منهم شارك  في مؤتمرات وندوات وورش عمل عبر النت في (زمن الكورونا) وسائل التواصل الاجتماعي، (اجتماع افتراضي) و (محاضرة افتراضية) و (مؤتمر افتراضي)، وبعضهم فرح أنه شارك في ندوة بـ (غوغل كلاس روم) مع أساتذة من كليات وجامعات دولية.
لا أغفل أن (كورونا) لعبت بنا كما يلعب (مسي) أو (رونالدو) بالكرة، فاحترنا ودخلنا ايام الحظر في هلع وخوف، ولكن بعد ذلك عرف المثقفون والأكاديميون الاستافدة من تحدي هذه الجائحة، فعملوا نشر مقالات تؤكد على قدرة الإنسان للتكيف وغلبة هذا الكائن المجهري الذي هدد الكرة الأرضية برمتها..
التحدي الكبير عند المثقف هو استغلاله لأيام الحظر في تعلم استخدام تقنيات التواصل الاجتماعي مثل (الفري كونفرنس) و (جوين زوم مييتنك)، فضلا عن الواتس آب والفيس بوك والتلكرام وغيره كورونا ستمضي ونحن من يبقى.

الحياة الانسانية مابعد كورونا

بقلم د .خليفة مزضوضي


تبعت جائحة كورونا إجراءات وقائية كالعزل الصحي، وخلّفت هذه الإجراءات تغييرات جذرية في حياة الأفراد، وخاصة المثقفين العرب، حيث بان بالكاشف جريمة تغييبهم لصالح السطحيين، بينما أعادت هذه الأزمة لفت النظر إلى أصحاب العلم والثقافة، والوعي بأدوارهم. .
اقرا من خلال انعكاسات وتأثيرات جائحة كورونا على الثقافة والمثقفين، وذلك من خلال مواجهة المثقف ودوره، ووضع بعض النقاط على الحروف في الكثير من قضايا علاقة المثقف بالسلطة والمجتمع، مؤكدا أن الأزمة فضحت تردي دور المثقف.
لم ألاحظ أي تجليات غير معتادة للمثقف في جائحة كورونا، فكبار الأسماء الثقافية والفنية، لم تستطع أكثر من أن تجلس أمام الكاميرا لتسجل مقطعا تنصح فيه الناس بالالتزام بتوجيهات وزارة الصحة، والالتزام بالبيوت لما فيه مصلحتهم ومصلحة المجتمع، وبعض الفنانين قاموا بارتجال بعض المشاهد التي تبث نفس المعاني للناس”.

أدوار المثقفين

 الأمر الملفت هو أن بعض المثقفين صاروا يضعون كومة كتب مختلفة في الرواية والفلسفة والتاريخ، وهم يقولون إن هذه سوف تكون برامج قراءتهم لهذه الفترة. وبعضهم يتحدثون عن انحباس غير مدركين بأنه كلما حاولوا الكتابة فإنهم يدورون في حلقة العزلة والانفصال عن الناس، وهو الأمر الذي لم يتعود عليه المواطن العربي”.
ويرى الناصر أن “دور المثقف محدود جدا، ففي السنوات الماضية تم تهميش وتحطيم صورة المثقف صاحب الرأي، وتم ذلك على أساس أن الزمن قد تجاوزه ولم يعد هناك من يستمع له أو يقرأ أفكاره إلا قلة قليلة، فزمن كبار المثقفين وتعلق القراء والمجتمع بما يقولون ويكتبون قد ولى، ولهذا صار أغبى مغرد في السوشيال ميديا يعادل في تأثيره العشرات من المثقفين، لأن متابعيه بالآلاف في حين صفحة المثقف العتيد على موقع فيسبوك أو تويتر أو مقالته المنشورة في الجرائد المنسية ليس لها أي متابع، إلا قلة قليلة أغلبهم من معارفه وأصدقائه”.
دور المثقف صار محدودا جدا بعدما تحطمت صورته كصاحب رأي وتم ذلك على أساس أن الزمن قد تجاوزه
لا استبعد بعض الانعكاسات الإيجابية على المثقفين التي تعيد لهم أدوارهم الفاعلة في المرحل القادمة إذا انتبهوا للأمر، “منها انكشاف الوجه والدور الحقيقي لما يسمى بمشاهير السوشيال ميديا، وهذا قد يفتح مجالا للقراء والمشاهدين للالتفات إلى أصحاب الرأي الناضج، المجرب، الواعي بشكل أكثر. وهذه الأزمة كذلك سوف توفر الفرصة والوقت اللذين قد يساعدان المثقف لإنجاز ما هو معلق من مشاريع للكتابة أو القراءة، وهذه الأزمة المليئة بالقصص والحكايات والمواقف قد توفر مادة خاما يلتقطها المثقف للاستفادة منها فنيا وثقافيا بعد انتهاء الأزمة”.
 إلى أنه لم يعد خافيا الآن بأن التيارات السلفية قد تم استخدامها لمواجهة وتشويه وتدمير الكثير من التيارات ذات الأفكار الوطنية والتحررية، بدعوى أنها تحمل أفكارا علمانية أو شيوعية.. إلخ، وأنها  معادية للعقيدة والدين، والآن انكشف الغطاء ليس فقط تجاه ارتباط هذه التيارات بجهات مشبوهة خارجيا وداخليا فقط، ولكن الأهم والأخطر هو تخلخل القناعات تجاه الفكر السلفي الديني، لأنه صار خارج التاريخ ولم يعد قادرا على مسايرة حركة التطور الإنساني.
وما زاد من ورطة هذا التيار هو وجود تيارات فكرية وثقافية تاريخية تم طمسها وتغييبها عن الساحة الإسلامية، ومن بينها فكر المعتزلة وأفكار الفلاسفة العرب والمسلمين، وبدأ الناس يتفاجؤون بوجود مثل هذه الأفكار الجريئة في أسئلتها وأطروحاتها قبل ألف سنة أو يزيد. لهذا نلاحظ هذه الأيام ورطة التيارات الدينية (بكافة طوائفها) التي استغلت بساطة الجماهير وإيمانها العفوي، ودأبت على استغلال هذه الحالة لمصالحها الشخصية بقدر ما استغلتها قوى غربية معروفة لضرب التيارات والأفكار السياسية والاجتماعية التي تدعو إلى التحرر من قيود الأسر الثقافي المتحجر”.

التغييرات الكبرى

اتساءل  هل ستغير جائحة كورونا في قناعاتنا وأفكارنا وعاداتنا؟ ويقول “الجواب المنطقي هو نعم، إنها ستفعل ذلك، فمن يمر بمحنة كهذه المحنة ليس له خيار بأن يتأثر أم لا. وأحد الأسئلة التي ترفع رأسها: كم يحتاج تغيير عاداتنا من الوقت ليترسخ كسلوك وعادة جديدة في حياة الفرد والمجموع؟ لقد اختلفت آراء الباحثين والدارسين في هذا الموضوع، بعضهم ماكسويل مالت في خمسينات القرن الماضي، قال إن الحد الأدنى هو 21 يوما ‘لتبدأ’ عملية التغيير، وفيليبا لالي على غرار البعض الآخر ذهبت إلى أبعد من ذلك”.
لكن النقطة المهمة هي أن أي تغيير في أي عادة أو أسلوب أو معتقد يجب أن يكون خيارا لكل شخص، خيارا يدركه هذا الشخص ويعيه ويعمل على تثبيته وتعميقه ‘كنتيجة مقارنة لما كان وما يحدث في حياته، كأنها عملية نقد ذاتي ناجمة عن الظروف والأوضاع المستجدة‘ وخصوصا أن هناك ما يكفي من الوقت لكل شخص للاسترخاء والتأمل والتفكير”.
لكن ما هو هدف هذا التغيير؟ علمنا التاريخ أن كل تجربة إنسانية، كما حدث في الحروب العالمية، رغم بشاعتها وفداحة نتائجها إلا أن أحد وجوهها هو تمكين الإنسان من أخذ زمام أموره بيده (بشكل نسبي طبعا) ولهذا يجب التعلم منها واستثمار نتائجها من أجل تحقيق السعادة الشخصية والاجتماعية للإنسان، ولكن ماذا نقصد بالسعادة؟ إذا أخذنا رأي بعض الفلاسفة نرى أن أرسطو، مثلا، يراها في ‘سد النواقص والتي تختلف من شخص إلى آخر‘، وهو كذلك يراها ‘فعلا معرفيا‘ ويتفق معه الفارابي في هذا الرأي ‘لذة عقلية وليست لذة حسية‘، أما ابن مسكوية فرأى أنها ‘ترتبط بالجسد والنفس في آن واحد‘، وغيرهم من الفلاسفة الذين يختلفون ويتفقون في هذا المفهوم”.
واعتقد  أن أخطر تغيير من بين كل التغييرات ممكنة الحدوث في حياة كل واحد منا هو إعادة النظر في أفكارنا وقناعاتنا في ما يخص الأمور الأساسية والجوهرية التي تتطلبها سعادة الكائن البشري. وهذه المفاهيم مرتبطة لدينا بالدين، وغاياتنا من الحياة “أهداف الفرد والمجموع“، والحب.
من الواضح أن الدين يأتي على رأس القائمة، مفهومنا للدين والطقوس والأفكار المرتبطة به، بما في ذلك طبيعة علاقة الإنسان بخالقه، وبأخيه الإنسان وعلاقته بالطبيعة التي هي المصدر الأهم في استمرارية الحياة، سوف ينال النصيب الأوفر من التغيرات، لأن الكثير من الأفكار والمعتقدات الدينية في العالم الإسلامي بقيت دون مساس جوهري يذكر على مدى ألف عام أو يزيد، بل إنها تقهقرت عما حققته من اجتهادات تأويلية ونقدية بعد القرن الهجري الأول، وهذا مخالف لنواميس التاريخ البشري”.
وخلاصتي إلى التأكيد أن الحياة قبل جائحة كورونا لن تكون مثلها بعد تلك المصيبة، وأن ما سيحدث من تغييرات شخصية واجتماعية وسياسية سوف يكون الشغل الشاغل للباحثين والدارسين في العقود القادمة، هذا إذا ترك مجانين العصر للإنسان أن يستمر في بناء ذاته وحضارته، ولم يتصرفوا بغباء وطمع وأنانية ولم يدخلوا الإنسانية في حرب عسكرية مجنونة لا تبقي ولا تذر